٣ - ولفظ "جميل" كما ورد في هذا الحديث الصحيح ورد أيضا في حديث الأسماء الحسنى، وفي تسمية الله به خلاف، باعتباره ورد بخبر الآحاد، والمختار جواز إطلاقه على الله تعالى، ومن العلماء من منعه. قال إمام الحرمين: ما ورد الشرع بإطلاقه في أسماء الله تعالى وصفاته أطلقناه، وما منع الشرع من إطلاقه منعناه، وما لم يرد فيه إذن ولا منع لم نقض فيه بتحليل ولا تحريم، فإن الأحكام الشرعية تتلقى من موارد الشرع، ولو قضينا بتحليل أو تحريم لكنا مثبتين حكما بغير الشرع. وقال: ثم لا يشترط في جواز الإطلاق ورود ما يقطع به الشرع (أي الخبر المتواتر) ولكن ما يقتضي العمل وإن لم يوجب العلم فإنه كاف. اهـ.
وقال الإمام النووي: اختلف أهل السنة في تسمية الله تعالى ووصفه من أوصاف الكمال والجلال والمدح بما لم يرد به ولا يمنعه الشرع، فأجازه طائفة، ومنعه آخرون إلا أن يرد به شرع مقطوع به، من نص كتاب الله أو سنة متواترة، أو إجماع على إطلاقه، فإن ورد خبر واحد فقد اختلفوا فيه، فأجازه طائفة، وقالوا: الدعاء به والثناء من باب العمل، وذلك جائز بخبر الواحد، ومنعه آخرون لكونه راجعا إلى اعتقاد ما يجوز أو يستحيل على الله تعالى، وطريق هذا القطع.
وقال القاضي عياض: والصواب جوازه لاشتماله على العمل ولقول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[الأعراف: ١٨٠].
٤ - وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" فقد اختلف في توجيهه، فذكر الخطابي فيه وجهين. أحدهما: أن المراد التكبر عن الإيمان، فصاحبه لا يدخل الجنة أصلا إذا مات عليه. والثاني: أنه لا يكون في قلبه كبر حال دخوله الجنة، كما قال الله تعالى:{ونزعنا ما في صدورهم من غل}[الأعراف: ٤٣، الحجر: ٤٧]. قال النووي: وهذان التأويلان فيهما بعد، فإن الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف، وهو الارتفاع عن الناس واحتقارهم ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب، بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخل الجنة دون مجازاة إن جازاه. وقيل: معناه أن هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم بأنه لا يجازيه، بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة، إما أولا وإما ثانيا بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها، وقيل: لا يدخلها مع المتقين الداخلين أول وهلة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فالمراد به أنه لا يدخل النار دخول خلود فيها كدخول الكفار، وسيأتي مزيد بحث لهذه النقطة في الحديث اللاحق إن شاء الله.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - تحريم الكبر وأنه من الكبائر.
٢ - ما كان عليه الصحابة من حرص على النظافة والتجمل حتى في النعل.