(فطالت علينا العزبة) بضم العين وسكون الزاي، بعدها باء، وهي عدم الزواج، والمراد هنا طال علينا البعد عن أزواجنا، أي احتجنا إلى الوطء.
(ورغبنا في الفداء) قال النووي: المعنى احتجنا إلى الوطء، وخفنا من حمل السبايا، فتصير أم ولد، يمتنع علينا بيعها. اهـ أي احتجنا إلى الوطء، ورغبنا في ثمن السبايا، فوطئنا وعزلنا.
(فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا .... فسألنا ... ) ظاهر هذا أنهم لم يعزلوا حتى سألوا، لكن الرواية الثانية تقول "فكنا نعزل، ثم سألنا" فتدل على أنهم عزلوا، ثم سألوا، ويؤكده قوله "وإنكم لتفعلون؟ " ويجمع بأن بعضهم عزل قبل أن يسأل، وبعضهم سأل قبل أن يعزل.
(لا عليكم ألا تفعلوا) في ملحق الرواية الثالثة "لا عليكم أن لا تفعلوا ذاكم" أي العزل، وكذا في الرواية الخامسة ومعنى "لا عليكم أن لا تفعلوا العزل" لا عليكم أن تتركوا العزل، ولمعانيها احتمالات. الأول: أن "لا" في قوة جملة، رد لسؤالهم عن العزل، فكأنه قال: لا. لا تعزلوا، ثم أكده بقوله "عليكم أن لا تفعلوا" الاحتمال الثاني أن "لا" نافية، أي ليس عليكم أن لا تفعلوا، والمعنى لا حرج عليكم في أن لا تفعلوا، ففيه نفي الحرج عن ترك العزل، فيفهم منه ثبوت الحرج في فعل العزل، إذ لو أراد رفع الحرج عن فعل العزل لقال: لا عليكم أن تفعلوا، فأصحاب الاحتمال الأول قالوا: الأسلوب أقرب إلى النهي، كما قال محمد بن سيرين الراوي عن عبد الرحمن بن بشر الراوي عن أبي سعيد في الرواية الخامسة، وأصحاب الاحتمال الثاني قالوا: الأسلوب كأنه أسلوب زجر كما في ملحق الرواية الخامسة، أي أسلوب كراهة الفعل، الاحتمال الثالث: أن "لا" الأولى نافية، و"لا" الثانية زائدة، والمعنى: ليس عليكم جناح أن تفعلوا. وهذا الاحتمال مردود، لأن الأصل عدم الزيادة، ولأن بقية الحديث تفيد حرجاً للفعل.
(وإنكم لتفعلون؟ ) في الرواية الثانية كررها مرتين، والمناسب لها أن تكون قبل قوله "لا عليكم ألا تفعلوا" وفي رواية البخاري "أو إنكم لتفعلون"؟ قال الحافظ: هذا الاستفهام يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم ما كان اطلع على فعلهم ذلك. اهـ والاستفهام تعجبي، أي أتعجب من فعلكم ذلك، أو إنكاري توبيخي، بمعنى لا ينبغي أن تفعلوا، وليس استفهاماً حقيقياً عن أنهم يفعلون أو لا يفعلون، فهم قد أعلنوا أنهم فعلوا.
(ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة) أي ما من نفس قدر لها في الأزل أن تخلق وتوجد إلا ستخلق وتوجد، لا يغير من هذا القدر عزل. فعزلكم لا أثر له، ومن اشتغل بما لا فائدة فيه فهو عابث.
(فإنما هو القدر) أي فإنما المؤثر إيجاداً وعدماً هو القدر لا غيره.