وبنين شهوداً} [المدثر: ١٢، ١٣]. فكيف يدعي أن الأولاد وكثرتهم تؤدي إلى الفقر؟ أو إلى زيادة الفقر؟ قد يكون ذلك في أمة خذولة كسولة غير منتجة، وفي قيادة لا تهيئ لأبنائها ظروف العمل، وتكبل العاملين، وتصيب الطموحين بالشلل والإحباط، وإنها لدعوة خبيثة، تسري في أوساط المسلمين لزيادة إضعافهم، ينفق عليها ويغذيها، أعداؤهم، في الوقت الذي يشجعون فيه زيادة العدد لغير المسلمين.
الخامس: أن الأولاد هدية من الله، يقول جل شأنه {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير}[الشورى: ٤٩، ٥٠]. وتخيل معي أن تقدم لإنسان هدية فيرفضها ويردها في وجهك، أو تعده وتعرض عليه هدية فيواجهك: لا أريدها. لا أحبها لا أقبلها. هي تضرني. هي لا تنفعني. هل تكون راضياً؟ وهل يكون في فعله هذا مرضياً لك؟ متقرباً منك؟ مقدراً عطفك وكرمك؟ .
فما بالك بمن يفعل ذلك مع العليم القدير؟ الذي يعلم وحده ما ينفعك وما يضرك. إن العلماء يعبرون عن هذه الحالة بمعاندة القدر، فماذا عساها نتيجة معاندة القدر؟ .
السادس: أن هذه المعاندة لا تنفع إن لم تضر، يعزل من يريد والله يفعل ما يريد، وقد رأينا في الرواية الثامنة والتاسعة كيف أن الجارية حملت وسيدها يتحرى العزل عنها، ونرى في حياتنا وسائل منع الحمل تفشل كثيراً أمام القدر، بل رأينا كثيراً منها يمنع فترة، ويؤدي إلى التوائم في فترة أخرى وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "فإنما هو القدر". "ما من كل الماء يكون الولد". "ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة". "وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء" وعند أحمد والبزار وابن حبان يقول صلى الله عليه وسلم "لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لأخرج الله منها ولداً". وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل؟ فقال:"ذلك الوأد الخفي". أخرجه مسلم بعد باب واحد. وقد جنح إلى منع العزل من الشافعية ابن حبان، فقال في صحيحه: ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل مزجور عنه، لا يباح استعماله، ثم ساق حديث أبي ذر رفعه "ضعه في حلاله، وجنبه حرامه، وأقرره، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر" هذا. وفي معنى العزل تعاطي المرأة أو الرجل حبوب منع الحمل، والوسائل الحديثة الأخرى.
وقال الحافظ ابن حجر: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع في العزل ففي هذه أولى، ومن قال بالجواز في العزل يمكن أن يلحق هذا به، ويمكن أن يفرق بينهم بأن إسقاط النطفة أشد فتمنع، لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب، ومعالجة السقط تقع بعد تعاطي السبب.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-
١ - قوله في الرواية الأولى "فسبينا كرائم العرب ... " استدل به من أجاز استرقاق العرب، وأنهم يجري عليهم الرق كما يجري على العجم وأنهم إذا كانوا مشركين وسبوا جاز استرقاقهم، لأن بني