لو لقيت رجلا من الكفار، فقاتلني، فقطع إحدى يدي بسيفه، ثم لاذ واعتصم مني بشجرة أو حجر، فتمكنت منه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله. أسلمت لله. أأقتله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله، قال: يا رسول الله ما قالها إلا بعد أن أهويت سيفي إليه لأقتله، أأقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا تقتله. قال: يا رسول الله إنه قطع يدي، أأقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم: إن قتلته في هذه الحالة كنت بمنزلته ومشابها له قبل إسلامه، وكان هو بعد إسلامه مشبها لك قبل أن تقتله فإنك تكون بعد قتلك له آثما، كما كان هو قبل إسلامه، وإنه يكون بعد قولها نقيا من الآثام كما كنت أنت قبل قتلك إياه.
-[المباحث العربية]-
(عن المقداد بن الأسود) المقداد هو ابن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة. هذا نسبه الحقيقي. تبناه في الجاهلية الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف، فنسب إلى الأسود، وصار به أشهر وأعرف، فلفظ (ابن) قبل الأسود يكتب بالألف، لأنه ليس واقعا بين علمين متناسلين ثانيهما أب للأول، ومثله عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وعبد الله بن أبي ابن سلول، ومحمد بن علي ابن الحنفية، وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، ومحمد بن يزيد (ابن ماجه) بالألف، وأن يعرب بإعراب الابن المذكور أولا:
فأم مكتوم زوجة عمرو، وسلول زوجة أبي، والحنفية زوجة علي وراهويه هو إبراهيم والد إسحق، وماجه هو يزيد فهما لقبان.
والمقداد من أوائل من أسلم، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة، منهم المقداد، وهاجر إلى الحبشة. قاله النووي: وله موقف مشهود في بدر.
(أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار) أي أخبرني، وفي بعض الأصول "أرأيت لقيت" بحذف "إن" قال النووي: والأول هو الصواب. وفي رواية:"أرأيت ... إلى لقيت كافرا فاقتتلنا".
(فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها) هذا على وجه التمثيل، وقصده أو إحدى رجلي بالسيف أو بغيره.
(ثم لاذ مني بشجرة) التجأ إليها واعتصم مني، وذكر الشجرة على سبيل المثال ونحوها.
(أفأقتله) الفاء مؤخرة من تقديم، وهي فاء جواب الشرط لكون الجملة استفهامية، والأصل فأ أقتله، فقدمت همزة الاستفهام.
(فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله) في معناها أقوال كثيرة تأتي في فقه الحديث.