للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[فقه الحديث]-

يتعلق الحديث بثلاث نقاط أساسية:

١ - الأحكام الشرعية للطلاق في ذاته، ومن حيث ما يعرض له من أسباب ودوافع.

٢ - الطلاق في الحيض، وما يتعلق به.

٣ - ما يؤخذ من الحديث من أحكام أخرى.

أما عن النقطة الأولى فقد قال غير واحد: الطلاق في ذاته محظور، لما فيه من كفران نعمة النكاح، وإنما يباح، أو يستحب، أو يجب للحاجة التي تختلف قوة وضعفًا، ومعنى هذا أننا لو جردناه من دوافع الفعل ومن دوافع الترك الآتية يكون مكروهًا، كمن يطلق لمجرد العبث والقدرة على الزواج والطلاق، ويمكن أن يستدل له بما رواه أبو داود وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أبغض المباحات عند الله - عز وجل - الطلاق" وفي لفظ "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" والحلال البغيض أو الأبغض يمكن أن يصدق على المكروه.

وقيل هو في أصله مباح، لوصفه في الحديثين السابقين بالإباحة والحل، وقد يستدل لهذا أيضًا بقوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}

والخلاف في هذا سهل يسير، لأن هذه الصورة نادرة أو فرضية، وما مثل به من طلاق المغيرة بن شعبة زوجاته الأربع، حيث قال لهن في دفعة واحدة: أنتن حسنات الأخلاق، ناعمات الأطواق، طويلات الأعناق. اذهبن فأنتن طلاق. فهو محمول على وجود حاجة لم يصرح بها.

أما من حيث أسباب الطلاق ودوافعه فقد يكون واجبًا، كطلاق المولى الذي آلى أن لا يطأ زوجته أربعة أشهر، أي حلف ألا يطأها أربعة أشهر، وهو قادر على الوطء، فيتربص أربعة أشهر، فإن انقضت ولم يكن له عذر ثبت لها المطالبة بالفيئة أو الطلاق، فإن طالبته بذلك وجب الفيئة أو الطلاق، ولو امتنع طلق عليه الحاكم على القول الصحيح. وكالطلاق الذي حكم به الحكمان بسبب الشقاق الذي يستحيل معه العشرة.

وقد يكون مستحبًا، كما إذا وقعت الخصومة بين الزوجين، وخافا أن لا يقيما حدود الله، أو تكون غير عفيفة، أو سيئة الخلق، بحيث لا يصبر على عشرتها عادة، فيستحب له طلاقها.

وقد يكون حرامًا كالطلاق البدعي، وهو موضوع النقطة الثانية الآتية.

وقد يكون مكروهًا كطلاق مستقيمة الحال، ولا يكره شيئًا من خلقها، ولا دينها، وتطيب نفسه بمؤنتها وعشرتها.

فإن خلا الطلاق من هذه الأسباب ومن تلك الدوافع كان مباحًا، ونفاه النووي، وصوره بعضهم بما إذا كان لا يريدها ولا تطيب نفسه أن يتحمل مؤنتها، من غير حصول غرض الاستمتاع، وقد سبق توضيح هذا النوع بما فيه الكفاية، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>