للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما النقطة الثانية فهي الطلاق البدعي، وهي الطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه، والحكمة في ذلك حمايتها من تطويل العدة عليها، لأنها إذا طلقت في الحيض لم تحسب هذه الحيضة من القروء المطلوبة للعدة بقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: ٢٢٨] عند القائلين بأن المراد بالقرء الحيض وهم الحنفية وموافقوهم، لأنهم يشترطون أن تستقبل العدة بحيضة كاملة، وتطول أيضًا إذا طلقها في طهر جامعها فيه، لاحتمال أن تحمل فتطول أو يندم، وعند القائلين بأن المراد بالقرء الطهر، وهم المالكية والشافعية وموافقوهم ستطول عدتها بزمن الحيضة التي طلقت فيها، لأنها لا تحتسب، كذلك ستطول عدتها إذا طلقت في طهر جامعها فيه، لأن هذا الطهر لن يحتسب من عدتها، فتطول ببقية أيام هذا الطهر وبالحيضة الكاملة التي بعده، وقد تحمل فيندم.

والقرء في اللغة يطلق على الحيض والطهر، لهذا اختلف الفقهاء في المراد منه، كما سبق، فمن قال إن المراد به الحيض اشترط في العدة ثلاث حيضات كاملة، أي لا تخرج من العدة إلا بانقطاع الدم في الحيضة الثالثة، وقيل: حتى ينقطع الدم وتغتسل، أو يذهب وقت صلاة، وقيل: تنتهي العدة بانقطاع الدم، وتنقطع الرجعة ويصح الصيام، لكن لا تحل للأزواج حتى تغتسل احتياطًا، وخروجًا من الخلاف.

أما القائلون بأن المراد من الأقراء الأطهار فتبدأ العدة بطهر لم يجامعها فيه، ولو طلقها قبل نهاية هذا الطهر بلحظة، فهو محسوب من العدة، حيث لم يجامعها فيه، واختلفوا في نهاية العدة، فقيل، بمجرد رؤية الدم بعد الطهر الثالث، وقيل: بعد انقضاء يوم وليلة على رؤية الدم، ويتفرع على هذا مسائل:

الأولى: لو كانت الحائض حاملاً - على القول بأن الحامل تحيض - فالصحيح عند الشافعية، وهو نص الشافعي أن طلاقها لا يحرم، لأن تحريم الطلاق في الحيض إنما كان لمنع تطويل العدة، والحامل الحائض عدتها بوضع الحمل، فلا يحصل في حقها تطويل، وقال أبو إسحاق: هو بدعة، لأنه طلاق في الحيض، وعن أحمد رواية أنه ليس بسني ولا بدعي.

الثانية: طلاق غير المدخول بها في الحيض لا يحرم، وليس طلاق بدعة، لأنه لا عدة عليها.

الثالثة: المدخول بها الصغيرة التي لا تحمل، والكبيرة الآيسة التي لا تحمل، طلاقها في الحيض ليس بدعة، ولا يحرم.

الرابعة: لو طلقها في حيض طلقة أولى أو ثانية أمر بالرجعة، قال النووي: أجمعوا على أنه إذا طلقها في حيض أمر برجعتها، وهذه الرجعة مستحبة، لا واجبة، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وفقهاء المحدثين وآخرون، وقال مالك وأصحابه: هي واجبة. اهـ ويجبر عليها، فإن امتنع أدبه الحاكم، فإن أصر ارتجع الحاكم عليه، ووضح الحافظ ابن حجر حجة

<<  <  ج: ص:  >  >>