للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر رواية أبي الزبير، فقال: نافع أثبت من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا، وقد وافق نافعًا غيره من أهل الثبت. اهـ.

وأطال الحافظ ابن حجر في هذه المسألة بما لم يسمح بذكره المقام. والله أعلم.

-[وأما عن النقطة الثالثة فيؤخذ من الحديث]-

١ - قال ابن دقيق العيد: يتعلق بقوله "مره فليراجعها" مسألة أصولية، وهي أن الأمر بالأمر بالشيء. هل هو أمر بذلك الشيء؟ أم لا؟ فقال ابن الحاجب: الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا بذلك الشيء، لأنه لو كان أمرًا بذلك الشيء لكان قولنا: مر عبدك بكذا تعديًا - أي وكان أمرًا للعبد بما لا يملك الآمر. وقال الرازي: الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء، والتحقيق التفرقة، إن كان الآمر الأول بحيث يسوغ له الحكم على المأمور الثاني فهو أمر له، وإلا فلا.

قال الحافظ ابن حجر: وهذا قوي، وهو مستفاد من الدليل الذي استدل به ابن الحاجب على النفي، لأنه لا يكون متعديًا إلا إذا أمر من لا حكم له عليه، لئلا يصير متصرفًا في ملك غيره بغير إذنه، والشارع حاكم على الآمر والمأمور، فوجد فيه سلطان التكليف على الفريقين، ومنه قوله تعالى {وأمر أهلك بالصلاة} [طه: ١٣٢] فإن كل أحد يفهم منه أمر اللَّه لأهل بيته بالصلاة. ثم ذكر الحافظ نظائر كثيرة، ثم قال: والحاصل أن الخطاب إذا توجه لمكلف أن يأمر مكلفًا آخر بفعل شيء كان المكلف الأول مبلغًا محضًا، والثاني مأمور من قبل الشارع، فإذا أمر الأول الثاني بذلك، فلم يمتثله كان عاصيًا، وإن توجه الخطاب من الشارع لمكلف أن يأمر غير مكلف، أو توجه الخطاب من غير الشارع بأمر من له عليه الأمر أن يأمر من لا أمر للأول عليه لم يكن الأمر بالأمر بالشيء أمرًا بالشيء. فهذا فصل الخطاب. والله المستعان.

٢ - وفيه أن الرجعة يستقل بها الزوج، دون الولي.

٣ - وأن الرجعة لا تفتقر إلى رضا المرأة، ولا رأيها، ولا تجديد عقد، لأنه جعل ذلك إليه دون غيره، وهو كقوله تعالى {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} [البقرة: ٢٢٨].

٤ - وفيه أن طلاق الطاهرة لا يكره، لأنه أنكر إيقاعه في الحيض، لا في غيره، ولقوله في آخر الحديث "فإن شاء أمسك، وإن شاء طلق" كذا قال الحافظ ابن حجر، وفيه نظر، فقد يكره لسبب آخر كما ذكرنا في أحكام الطلاق.

٥ - وفيه أن الحامل لا تحيض لقوله في الرواية السادسة "ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً" فحرم صلى الله عليه وسلم الطلاق في زمن الحيض، وأباحه في زمن الحمل، فدل على أنهما لا يجتمعان. قال الحافظ: وأجيب بأن حيض الحامل لما لم يكن له تأثير في تطويل العدة ولا تخفيفها - لأنها بوضع الحمل - أباح الشارع طلاقها حاملاً مطلقًا، وأما غير الحامل ففرق بين الحائض والطاهر. اهـ.

وهذا على جعل لفظ "أو" مانعة جمع، كقولنا: تزوج هندًا أو أختها، لكن لو جعلناها مانعة خلو تبيح الجمع، من قبيل: جالس الحسن أو ابن سيرين فلا يؤخذ من الحديث هذا المأخذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>