بالبراءة الأصلية قال: لا يلزمه شيء، ومن قال إنها يمين أخذ بظاهر قوله تعالى {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}[التحريم: ٢] بعد قوله تعالى {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} ومن قال: تجب الكفارة، وليست بيمين بناه على أن معنى اليمين التحريم، فوقعت الكفارة على المعنى، ومن قال: تقع به طلقة رجعية حمل اللفظ على أقل وجوهه الظاهرة، وأقل ما تحرم به المرأة طلقة تحرم الوطء ما لم يرتجعها، ومن قال بائنة فلاستمرار التحريم بها، ما لم يجدد العقد، ومن قال: ثلاث حمل اللفظ على منتهى وجوهه، ومن قال: ظهار نظر إلى معنى التحريم وقطع النظر عن الطلاق، فانحصر الأمر عنده في الظهار. اهـ.
هذا كله إذا قال لزوجته الحرة. أما إذا قاله للأمة فمذهب الشافعي أنه إن نوى عتقها عتقت، وإن نوى تحريم عينها لزمه كفارة يمين، ولا يكون يمينًا، وإن لم ينو شيئًا وجب كفارة يمين على الصحيح من المذهب. وقال مالك: هذا في الأمة لغو، لا يترتب عليه شيء، قال القاضي: وعامة العلماء عليه كفارة يمين بنفس التحريم، وقال أبو حنيفة: يحرم عليه ما حرمه من أمة وطعام وغيره، ولا شيء عليه حتى يتناوله، فيلزمه حينئذ كفارة يمين، وأم الولد كالأمة فيما ذكرناه.
ثم قال النووي: ومذهب مالك والشافعي والجمهور أنه إن قال: هذا الطعام حرام علي، أو هذا الماء، أو هذا الثوب، أو دخول البيت، أو كلام زيد، وسائر ما يحرمه غير الزوجة والأمة، يكون هذا لغوًا، لا شيء فيه، ولا يحرم عليه ذلك الشيء، فإذا تناوله فلا شيء عليه.
وقال البخاري: ليس الذي يقول لامرأته: أنت علي حرام كالذي يحرم الطعام، لأنه لا يقال للطعام الحل: حرام، ويقال للمطلقة حرام. اهـ.
وقد ذهب أحمد إلى التسوية بين تحريم الطعام ونحوه وبين قوله لزوجته، فعليه في الجميع كفارة يمين.
النقطة الثالثة: ظاهر قول ابن عباس في الرواية الرابعة والخامسة {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} بعد قوله "إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها" أن ابن عباس يرى أن سبب نزول أول سورة التحريم، تحريم مارية.
وظاهر الرواية السادسة أن سبب نزول أول سورة التحريم شرب العسل عند زينب بنت جحش، ففي آخره "ولن أعود" وفي رواية للبخاري "ولن أعود له وقد حلفت".
وعند سعيد بن منصور. بإسناد صحيح إلى مسروق رضي الله عنه:"حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة لا يقرب أمته، وقال: هي علي حرام، فنزلت كفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله".
وأخرج الضياء في "المختارة" عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: لا تخبري أحدًا أن أم إبراهيم علي حرام. قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، فأنزل الله {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}
وأخرج الطبراني في عشرة النساء وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم