للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا} وكان هذا التخيير عقب اعتزاله لأزواجه شهرًا، كما هو واضح من الرواية الثامنة ولكن هذا التخيير في السنة التاسعة على الصحيح.

(بدأ بي) تقول ذلك دلالاً وفخرًا، لإعلان منزلتها عنده صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بها لعلمه أنها تقود جماعة من نسائه، وسيفعلن مثل ما تفعل، ويغلب على ظنه أنها ستختاره، ويعلم يقينًا أن أبويها لا يوافقان على فراقها له. وقيل: يحتمل أن يكون هذا البدء عفويًا، لأنها كانت صاحبة النوبة، وهو بعيد. قال النووي: إنما بدأ بها لفضيلتها.

والمراد بدأ بتخييري. والفاء في "فقال" تفسيرية.

(فقال: إني ذاكر لك أمرًا) هذه المقدمة لتتريث في الأمر قبل أن تختار.

(فلا عليك أن لا تعجلي) أي لا حرج عليك، ولا ضرر عليك إذا تريثت ولم تتعجلي، أي لا ضرر عليك في عدم العجلة، ونفي النفي إثبات، فيتحصل من مفهومه عليك حرج وضرر في التعجيل، وفي الرواية الثامنة "إني أريد أن أعرض عليك أمرًا، أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك" قال النووي: وإنما قال لها ذلك شفقة عليها وعلى أبويها، ونصيحة لهما في بقائها عنده صلى الله عليه وسلم [أقول: وحرصًا عليها، وحبًا فيها، ورغبة في أن تختاره، وتبقى معه] فإنه خاف أن يحملها صغر سنها وقلة تجاربها على اختيار الفراق، فيجب فراقها، فتضطر هي وأبوها وباقي النسوة بالاقتداء بها. اهـ. أي بموافقتها.

(حتى تستأمري أبويك) أي حتى تطلبي أمر أبويك بهذا الخصوص وتعملي به.

(قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه) تقول هذا اعتزازًا وتيهًا وفخرًا، أي أنه لحرصه عليها، وتمسكه بها علق فراقها على مستحيل، وجعل اختيارها للفراق مرتبطًا بمن لا يرضى بالفراق.

{إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها} ذكر الزينة تخصيص بعد تعميم، أي إن كنتن تردن السعة والتنعم والزخرف والزينة.

{(فتعالين)} أصل "تعال" أمر بالصعود لمكان عال، ثم غلب في الأمر بالمجيء مطلقًا، والمراد هنا أقبلن بإرادتكن واختياركن لإحدى الخصلتين.

{(أمتعكن)} أعطكن متعة الطلاق، والمتعة عند الجمهور واجبة للمطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها صداق، ومستحبة لكل مطلقة، وهي ثوب وخمار وملحفة، على حسب السعة والاقتار.

{(وأسرحكن سراحًا جميلاً)} أي أطلقكن طلاقًا حسنًا بالمعروف، وليس بدعيًا ضارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>