في ردها لبيتها. قالت له عائشة: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة، فقد كان بها شر استدعى خروجها. قال مروان: إن كانت فاطمة خرجت لشر فيها فهذه أيضًا بها شر لا يقل عن شر فاطمة.
(دخلنا على فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب ابن طاب، وسقتنا سويق سلت) إتحاف الضيف ما يقدم له أول نزوله، و"رطب ابن طاب" اسم لنوع من رطب المدينة، قال النووي: وأنواع تمر المدينة مائة وعشرون نوعًا. وأما "السلت" بضم السين وسكون اللام بعدها تاء، حب بين الشعير والحنطة، قيل: طبعه طبع الشعير في البرودة، ولونه قريب من لون الحنطة.
(وأخاف أن يقتحم علي) الاقتحام الهجوم على الشخص بغير إذن.
(فأرادت أن تجد نخلها) يقال: جد يجد وجذ يجذ من باب شد يشد، أي قطع، وجذ النخل جذًا وجذاذًا قطع ثمره وجناه.
-[فقه الحديث]-
قال النووي وغيره: اختلف العلماء في المطلقة البائن الحائل - غير الحامل - هل لها النفقة والسكنى مدة العدة؟ أم لا؟ فقال عمر وأبو حنيفة وآخرون: يجب لها السكنى والنفقة، واحتجوا بقوله تعالى:{واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن} بعد قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة} وقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} فهذا أمر بالسكنى، وأما النفقة فلأنها محبوسة عليه وبسببه، لا تتزوج غيره إلا بعد العدة، فالنفقة تابعة للسكنى، ومن حججهم أن القرآن لم يفرق بين مطلقة ومطلقة، فكانت البائن كالرجعية. وأنكروا حديث فاطمة بنت قيس، وردوه، روى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر رضي الله عنه أنه قال:"لا ندع كتاب ربنا - يشير إلى الآيتين السابقتين - وسنة نبينا بقول امرأة، لا ندري حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة" وأخرجه أبو داود بلفظ "لا ندري أحفظت؟ أو لا؟ " وأخرجه النسائي بلفظ "قال عمر لها: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة" وروايتنا الثانية عشرة مؤيدة لإنكار عمر.
وأنكره أيضًا عائشة وأسامة بن زيد، كما تصرح بذلك روايتنا السابعة عشرة، والمتممة للعشرين.
وبالغ الطحاوي في تقرير هذا المذهب، فقال: خالفت فاطمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن عمر روى خلاف ما روت - يشير إلى رواية عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لها السكنى والنفقة" قال المحققون: وهذا منقطع لا تقوم به حجة - فخرج المعنى الذي أنكر عليها عمر خروجًا صحيحًا، وبطل حديث فاطمة، فلم يجب العمل به أصلاً. اهـ.
المذهب الثاني: مذهب أحمد في أظهر روايتيه وإسحق وأبي ثور وداود وأتباعهم، وهو أنه لا نفقة