قال: وجعلت أربعة أشهر وعشرًا لأن الأربعة فيها ينفخ الروح في الولد إن كان، والعشر احتياطًا، وفي هذه المدة يتحرك الولد في البطن.
قال النووي: والتقييد عندنا بأربعة أشهر وعشر خرج مخرج الغالب، فالمعتاد غالبًا تعتد بالأشهر، أما إذا كانت حاملاً فعدتها بالحمل، ويلزمها الإحداد في جميع العدة حتى تضع، سواء قصرت المدة أم طالت، فإذا وضعت فلا إحداد عليها بعد الوضع، وقال بعض العلماء: لا يلزمها الإحداد بعد أربعة أشهر وعشر، وإن لم تضع.
الرابعة: مظاهر الإحداد. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة والمصبوغة، إلا ما صبغ بالسواد، رخص في المصبوغ بالسواد عروة بن الزبير ومالك والشافعي، وكرهه الزهري، ورخص جميع العلماء في الثياب البيض، ومنع بعض متأخري المالكية جيد البيض الذي يتزين به، وكذلك جيد السواد، قال النووي: وقال أصحابنا: يجوز كل ما صبغ ولا يقصد منه الزينة، ويجوز لها لبس الحرير في الأصح، ويحرم حلي الذهب والفضة، وكذلك اللؤلؤ. اهـ.
أما الكحل فحرام بصريح الحديث، فإن اضطرت الحادة أن تكتحل للتداوي فلها أن تكتحل ليلاً وتمسحه نهارًا، ورخص فيه عند الضرورة عطاء والنخعي ومالك وأصحاب الرأي، والمقصود من الاكتحال الممنوع الاكتحال بما يتخذ للزينة، أما التوتيا والألوان التي لا يتزين بها فلا تمنع.
ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب حلقه، ولا من الاغتسال بالسدر والامتشاط ونحوه.
ويحرم عليها الطيب، لأنه يحرك الشهوة، ويدعو إلى المباشرة.
ويحرم عليها لبس الحلي، لأنه يزيد في الحسن، ويحرك الشهوة، قيل: حتى الخاتم، وقال عطاء: يباح حلي الفضة دون الذهب.
ومما يحرم عليها لبس الملابس المطرزة بالألوان، والملابس المحزقة للزينة والشفافة التي تصف ما تحتها من حمالات وقمص.
-[الخامسة: ما يؤخذ من الحديث، ويؤخذ منه فوق ما تقدم]-
١ - جواز الإحداد على غير الزوج من أب أو أم أو أخ أو أخت أو قريب أو حبيب ثلاث ليال، فما دونها، وتحريمه فيما زاد عليها، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس، وغلبة الطباع البشرية، وتمنع الزيادة وإن بقيت آثار الحزن عندها.
٢ - مفهوم الحديث أن مظاهر الإحداد لا تحل للرجال، من ترك الحلاقة ولباس السواد وترك الطيب ونحو ذلك، لأننا إذا قلنا: يحل للمرأة الإحداد ثلاثة أيام، كان مفهومه أنه لا يحل للرجل ذلك.
٣ - يسر الإسلام، ومسايرته للطبائع، وشجبه عادات الجاهلية القبيحة.
٤ - تبصير المسلمين ومن خفي عليه منهم هذا التيسير، ليظهر فضل الله ومنته على خلقه.