(من حمل علينا السلاح) الحمل كناية عن المقاتلة أو القتل، للملازمة الغالبة، وليس المراد مطلق الحمل، بقرينة قوله "علينا" والمراد من السلاح أي نوع من أنواع الإيذاء والقتال، سواء كان سيفا كما جاء في الرواية الثانية، أو عصا أو مدية أو نبلا، كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد "من رمانا بالنبل".
(فليس منا) الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين، والمعنى ليس من المسلمين الكاملين في الإسلام المتبعين سنة رسوله عليه الصلاة والسلام. وقيل: ليس من أهل سنتنا، ففي الكلام مضافان محذوفان.
(من سل علينا السيف) سل السيف إخراجه من غمده، والمراد رفعه في وجه المسلمين.
-[فقه الحديث]-
لما كان أهل السنة لا يكفرون المسلم بالمعاصي غير الشرك فإنهم لا يكفرونه بقتال أخيه المسلم ولا بقتله مادام لا يعتقد حل ذلك. ولهم في معنى هذا الحديث ونحوه عدة وجوه منها:
١ - أنه محمول على المستحل بغير تأويل، وكل مستحل للكبيرة المعلوم حرمتها من الدين بالضرورة كافر، ويكون معنى الحديث: من حمل السلاح على المسلم مستحلا دمه بغير حق فليس من المسلمين.
٢ - أن معناه فليس على طريقنا، أو ليس متبعا لطريقنا، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه، لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله.
٣ - وقد توقف كثير من السلف عن تأويله، وحملوا على من أوله التأويل السابق، وكان سفيان بن عيينة -رحمه الله- يكره قول من يفسره: بليس على هدينا، ويقول: بئس هذا القول، ويأمر بالإمساك عن تأويله ليكون أبلغ في الزجر، لما يوهمه من بعد فاعل ذلك عن الإسلام وعدم اندراجه تحت لواء المسلمين.
والحديث يعلق الحكم على حمل السلاح وسل السيف، سواء باشر به الضرب أو قصد به الإزعاج والتخويف ونشر الرعب، وإن كان إثم الأخير دون إثم المباشر للضرب، وإثم المقاتل من غير قتل دون القاتل.
بل لقد وردت أحاديث تنهى عن حمل السلاح ولو لعبا وهزلا، ففي البخاري:"لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار" وفي الترمذي "من