التعبير بالدراهم والدنانير إشارة إلى أن الدينار إذ ذاك كان بعشرة دراهم. والمقصود من ذكر هذه القيمة رفع شأن الرقبة التي حررت، وأفضل الرقاب عند العتق أعلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها.
(لا يجزي ولد والدًا)"لا يجزي" بفتح الياء، أي لا يكافئه على إحسانه، وقضاء حقه، إلا أن يعتقه. وعتق الأقارب إذا ملكوا سيأتي في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
في هذه المجموعة من الأحاديث ثلاث قضايا رئيسية:
١ - عتق العبد المشترك بين مالكين.
٢ - ولاء العتيق [الولاء لمن أعتق - بيع الولاء وهبته - تولى العتيق غير مواليه].
٣ - فضل العتق.
فالقضية الأولى: تتمثل في الأحاديث الثلاثة الأولى، وعنها يقول النووي: في هذا الحديث أن من أعتق نصيبه من عبد مشترك، قوم عليه باقيه، إذا كان موسرًا، بقيمة عدل، سواء كان العبد مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان الشريك مسلمًا أو كافرًا، وسواء كان العتيق عبدًا أو أمة، ولا خيار للشريك في هذا، ولا للعبد، ولا للمعتق، بل ينفذ هذا الحكم، وإن كرهه كلهم، مراعاة لحق الله تعالى في الحرية، وأجمع العلماء على أن نصيب العتق يعتق بنفس الإعتاق، إلا ما حكاه القاضي عن ربيعة أنه قال: لا يعتق نصيب المعتق، موسرًا كان أو معسرًا، وهذا مذهب باطل، مخالف للأحاديث الصحيحة كلها والإجماع.
وأما نصيب الشريك أو الشركاء فاختلفوا في حكمه إذا كان المعتق موسرًا على ستة مذاهب:
أحدها: وهو الصحيح في مذهب الشافعي، وبه قال ابن شبرمة والأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وإسحق وبعض المالكية، أنه عتق بنفس الإعتاق، أي عتق العبد كله بنفس إعتاق جزئه - ويقوم عليه نصيب شريكه بقيمته يوم الإعتاق، ويكون ولاء جميعه للمعتق، وحكمه من حين الإعتاق حكم الأحرار في الميراث وغيره، وليس للشريك إلا المطالبة بقيمة نصيبه كما لو قتله. قال هؤلاء: ولو أعسر المعتق بعد ذلك استمر نفوذ العتق، وكانت القيمة دينًا في ذمته، ولو مات أخذت من تركته، فإن لم تكن له تركة ضاعت القيمة، واستمر عتق جميعه، قالوا: ولو أعتق الشريك نصيبه بعد إعتاق الأول نصيبه كان إعتاقه لغوًا، لأنه قد صار كله حرًا - بإعتاق الأول.
المذهب الثاني: أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة، وهو المشهور من مذهب مالك، وبه قال أهل الظاهر، وهو قول الشافعي.
المذهب الثالث: مذهب أبي حنيفة. للشريك الخيار، إن شاء استسعى في نصف قيمته، وإن شاء