كان له إبل فليلحق بإبله، قال رجل: يا رسول الله. أرأيت من لم يكن له؟ قال: يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع"، وما رواه أحمد من حديث ابن مسعود في ذكر الفتنة: "قلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: كف يدك ولسانك، وادخل دارك، قلت يا رسول الله. أرأيت إن دخل رجل على داري؟ قال: فادخل بيتك (أي حجرة نومك) قال: أفرأيت إن دخل على بيتي؟ قال: فادخل مسجدك (وقبض بيمينه على الكوع) وقل ربي الله حتى تموت على ذلك" وما رواه الطبراني "ليمسك بيده، وليكن عبد الله المقتول لا القاتل".
والحقيقة أنه لو علم المتقاتلون في الفتنة هذا المصير الذي صار إليه أمر المسلمين ما تقاتلوا سواء في ذلك منتصرهم ومهزومهم. فقد روي أن عليا رضي الله عنه سار بين القتلى بعد انتهاء معركة الجمل، فأخذ يضرب فخذيه بيديه، وهو يقول: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا.
هذا، وقد اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك، ولو عرف المحق منهم، لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا، وأن المصيب يؤجر أجرين.
فلنمسك عن إدانة هذا أو ذاك، وعن قولنا: لو كان كذا كان كذا وكذا، ولنقل قدر الله وما شاء فعل.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - تحريم قتال المسلم وقتله.
٢ - وتغليظ الأمر في ذلك.
٣ - وتحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى إيذائه.
٤ - فيه حجة للقول بسد الذرائع.
٥ - في الحديث حجة لمن لم ير القتال في الفتنة، وترك القتال مع علي في حروبه كسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم.