حرمها الإسلام حماية للبشرية من أن يدفع بها الطمع إلى أكل الأموال بالباطل، أو إلى استغلال البعض للبعض والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
-[المباحث العربية]-
(نهى عن الملامسة) في كتب اللغة: لمسه يلمسه، من باب ضرب ونصر، مسه بيده، فاللمس باليد، والمس بأي جزء من البشرة، وقيل: اللمس كالمس مطلقًا، وهو إدراك بظاهر البشرة، والملامسة هنا المماسة باليد.
وفي المراد من الملامسة المنهي عنها هنا ثلاث صور، أو ثلاثة أوجه، أو ثلاثة تأويلات.
أحدها: تأويل الشافعي، وهو أن يأتي بثوب مطوي، أو في ظلمة، فيلمسه المشتري، فيقول صاحبه: بعتكه بكذا، بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك، ولا خيار لك إذا رأيته. اهـ.
وقد جاء هذا التأويل في الرواية الثانية بلفظ "أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه، بغير تأمل" أي بغير فحص، وغير دراية بالثوب فيكون في البيع جهالة بالمبيع.
وفسرها أبو سعيد في الرواية الثالثة بقوله "والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يقلبه إلا بذلك" أي لا يدرك أوصاف المبيع إلا بهذه اللمسة السطحية، ففي ذلك جهالة المشتري للمبيع، وفسرت الملامسة عند أبي عوانة بأن يتبايع القوم السلع، لا ينظرون إليها، ولا يخبرون عنها. وفسرت عند النسائي بأن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك، ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر ولكن يلمسه لمسًا. وفسرت عند أحمد بلفظ "والملامسة أن يلمس بيده، ولا ينشره، ولا يقلبه، إذا مسه وجب البيع" وقوله "ولا يقلبه" بفتح الياء وسكون القاف وتخفيف اللام وبضم الباء وفتح القاف وتشديد اللام.
وكلها تفسيرات متقاربة تجمع على أن علة المنع والنهي الجهالة من حيث عدم النظر وعدم التقليب، واشتراط نفي الخيار.
التأويل الثاني أن يجعلا نفس اللمس بيعًا، كأن يقول: إذا لمست الثوب فهو مبيع لك. وعلة النهي على هذا التأويل انعدام الصيغة في عقد البيع.
التأويل الثالث: أن يبيعه شيئًا على أنه متى مسه لزمه البيع، ولا خيار له، وعلة النهي على هذا التأويل شرط في خيار المجلس وغيره.
وبيع الملامسة بهذه الصور الثلاث باطل، وكان سائغًا في الجاهلية.
(والمنابذة) في كتب اللغة، نبذك الشيء طرحك الشيء من يدك أمامك أو وراءك أو عام، يقال، نبذ الشيء إذا رماه وأبعده، وفي القرآن {فنبذوه وراء ظهورهم}[آل عمران: ١٨٧] وفي مفردات الراغب: أصل النبذ طرح ما لا يعتد به.