للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متلاحقًا، والثاني قول أحمد، وعنه رواية كالرابع، والثالث قول الشافعية، ويمكن أن يؤخذ ذلك من التعبير ببدو الصلاح، لأنه دال على الاكتفاء بمسمى الإزهار، من غير اشتراط تكامله، فيؤخذ منه الاكتفاء بزهو بعض الثمرة، وبزهو الشجرة، مع حصول المعنى، وهو الأمن من العاهة، ولولا حصول المعنى لكان تسميتها مزهية بإزهاء بعضها قد لا يكتفي به، لكونه على خلاف الحقيقة، وأيضًا فلو قيل بإزهاء الجميع لأدى إلى فساد الحديقة أو أكثرها، وقد من الله تعالى بكون الثمار لا تطيب دفعة واحدة، ليطول زمن التفكه بها.

٢ - وأما بيع المزابنة: فقد عبر عنه في الرواية التاسعة والعاشرة ببيع التمر بالتمر، وفسرها في الرواية الحادية عشرة بقوله "والمزابنة أن يباع ثمر النخل بالتمر" وفي الرواية السادسة عشرة "نهي عن بيع الثمر بالتمر، وقال: تلك المزابنة" وفي الرواية التاسعة عشرة "نهي عن المزابنة -الثمر بالتمر" وفي الرواية الواحدة والعشرين "نهي عن المزابنة، والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلاً، وبيع الكرم بالزبيب كيلاً" وفي الرواية الثانية والعشرين "نهي عن المزابنة، بيع ثمر النخل بالتمر كيلاً، وبيع العنب بالزبيب كيلاً، وبيع الزرع بالحنطة كيلاً" وفي الرواية الثالثة والعشرين "والمزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلاً، وبيع الزبيب بالعنب كيلاً، وعن كل ثمر بخرصه" وفي الرواية الرابعة والعشرين "والمزابنة أن يباع ما في رءوس النخل بتمر، بكيل مسمى، إن زاد فلي، وإن نقص فعلي" وفي الرواية الخامسة والعشرين "أن يبيع ثمر حائطه، إن كانت نخلاً بتمر كيلاً، وإن كانت كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام "وفي الرواية الثانية والثلاثين" والمزابنة أن يباع النخل بأوساق من التمر".

ولا خلاف في أن بيع الرطب على النخل بالتمر كيلاً، وبيع العنب على الكرم بالزبيب كيلاً مزابنة، والخلاف بين العلماء في إلحاق غيرهما من الثمار بهما، فقيل: تختص المزابنة بهما، والجمهور على الإلحاق، أما الشافعي فيلحق بذلك كل بيع مجهول بمجهول وكل بيع مجهول بمعلوم من جنس يجري الربا في نقده، وقال عن مثل الصورة الواردة في الرواية الرابعة والعشرين، ومعناها خرص ما على رءوس النخل، ثم تقديره بكيل محدد، ثم الالتزام بالنقص وأخذ الزيادة، قال: إنها من قبيل القمار، وليس من قبيل المزابنة، والتحقيق أنها قمار ومزابنة. ومن صور المزابنة على هذا بيع الزرع بالحنطة كيلاً.

وأما مالك فقد ألحق بهما كل شيء من الجزاف، لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده إذا بيع بشيء مسمى من الكيل وغيره، سواء كان من جنس يجري الربا في نقده أم لا. وسبب النهي عنده ما يدخله من القمار والغرر، فنظر مالك إلى معنى المزابنة لغة، وهي المدافعة، ويدخل فيها القمار والمخاطرة، وكل ما يباع مثلاً بمثل لا يجوز فيه كيل بجزاف، ولا جزاف بجزاف.

وتفرع عن هذه المسألة مسائل: منها بيع الرطب على رءوس النخل برطب على الأرض، أو على رءوس نخل أخرى، فأجازه ابن خيران من الشافعية، ومنعه الاصطرخي، وصححه جماعة، وقيل: إن كانا نوعًا واحدًا لم يجز، إذ لا حاجة إليه، وإن كانا نوعين جاز، وهو رأي أبي إسحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>