للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فكانت عائشة وحفصة ممن اختارتا الأرض والماء) كذا في جميع الأصول التي بين أيدينا "ممن اختارتا" وهو مبني على جعل "من" تبعيضية، إذ كان حقه أن يقول: "ممن اختار" أو "ممن اخترن" وتوجيهه بجعل "من" بيانية أو زائدة، والفرق بينهما أن التبعيضية يكون ما بعدها أكثر مما قبلها بخلاف البيائية أو الزائدة، كما في قوله تعالى {يحلون فيها من أساور} [الكهف: ٣١] وعلامة الزائدة أن المعنى على عدم وجودها، وهي هنا كذلك، كأنه قال: عائشة وحفصة من اختارتا. هما اللتان اختارتا، وهذا هو الواقع، فلم يختر ذلك من أمهات المؤمنين غيرهما. وفي رواية البخاري "وكانت عائشة اختارت الأرض" على معنى اختارت أن يقطع لها سهمها أرضًا، تتعامل عليها بالمساقاة والمزارعة.

(أقركم فيها على ذلك ما شئنا) في الرواية الخامسة "نقركم بها على ذلك ما شئنا" "على ذلك" أي على ما تعرضون من نصف الزرع والثمر والإقامة، و"ما" في "ما شئنا" ظرفية دوامية، أي مدة مشيئتنا، وطالما نحن نشاء، أي نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا، ثم نخرجكم إذا شئنا، لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازمًا على إخراج الكفار من جزيرة العرب.

(وكان الثمر يقسم على السهمان) أي كان الثمر الذي يحصل عليه المسلمون من أرض خيبر يقسم على من حضر غزوة خيبر، والسهمان بضم السين جمع سهم. أي كان يقسم حسب أسهم الغازين لخيبر.

(فيأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الخمس) أي ويدفعه إلى مستحقيه، وهم الأصناف الخمسة المذكورة في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١] فيأخذ لنفسه خمسًا واحدًا من الخمس، ويصرف الأخماس الباقية من الخمس إلى الأصناف الأربعة الباقين.

(حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء) وهما قريتان معروفتان بفلسطين.

-[فقه الحديث]-

في الباب السابق تكلمنا عن خلاف الفقهاء وأدلتهم في حكم المساقاة والمزارعة.

-[ويؤخذ من هذه الأحاديث فوق ما تقدم]-

١ - من قوله "بشطر ما يخرج منها" أن الجزء المتفق عليه في المساقاة يكون معلومًا، من نصف وربع وغيرهما، من الأجزاء المعلومة، فلا يجوز على مجهول، كقوله: على أن لك بعض الثمر. قال النووي: واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق عليه المتعاقدان من قليل أو كثير.

٢ - من قوله "من ثمر أو زرع" احتج الشافعي وموافقوه على جواز المزارعة تبعًا للمساقاة، وإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>