٣٥٠٤ - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة".
٣٥٠٥ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلاً لأم مبشر، امرأة من الأنصار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من غرس هذا النخل؟ أمسلم أم كافر؟ " قالوا: مسلم. بنحو حديثهم.
-[المعنى العام]-
خلق اللَّه تعالى آدم وذريته على كوكب الأرض، وهيأ لهم فيها أسباب عمارتها، ووسائل الانتفاع منها. أخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسل السماء عليها مدرارًا، وأنبت فيها الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، وكان على الإنسان أن يحرث الأرض، ويبذر فيها البذر، وأن يسقيها بالماء، وعلى الله أن يشق الأرض، ويفلق الحب والنوى، ويخرج الحي من الميت، ينشئ جنات معروشات وغير معروشات، والزرع والنخل مختلفًا أكله والزيتون والرمان، متشابهًا وغير متشابه، صنوان وغير صنوان، يسقى بماء واحد، وينبت في مكان واحد، ويفضل بعضها على بعض في الأكل والطعم. تبارك الله رب العالمين.
خلق الأرض، وقدر فيها أقواتها، وطلب منا أن نثير الأرض، ونضع البذر، ونرعاه بالسقي وغيره لمصلحتنا نحن. ومع ذلك وعدنا على ذلك بالأجر والثواب "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له به صدقة" حتى ما يسرق منه، له به أجر، ما ينزل عليه من آفة له به أجر، ما يقع له في زرعه من ابتلاء ومصيبة له به أجر، أجر مستمر متكرر متجدد كلما انتفع بهذا الزرع حي من الأحياء، حتى لو مات الزارع بقي زرعه وغرسه صدقة جارية يصله ثواب نفعه، وهو في قبره، طيلة انتفاع الناس به. ففي بعض الروايات "من غرس غرسًا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر جار، ما انتفع من خلق الرحمن تبارك وتعالى أحد" وفي رواية "من نصب شجرة، فصبر على حفظها، والقيام عليها حتى تثمر، كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله عز وجل" ولقد بلغ من حث الشريعة على الزرع، والحرص عليه حتى آخر لحظة من الحياة أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة - أي نبته شجر صغيرة أو نخلة صغيرة "شتلة زرع" فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها".