(ما من مسلم)"من" زائدة، والتعبير بالمسلم للاحتراز عن الكافر، فإن هذا الأجر خاص بالمسلم، تصرح بذلك الرواية الثانية والرابعة، إذ يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغارس. أمسلم أم كافر؟ ثم عموم المسلم بسبب تنكيره، ووقوعه في سياق النفي، وإدخال "من" عليه، مما يزيد عمومه يشمل الحر والعبد والمطيع والعاصي وقاصد النفع العام، وقاصد نفع نفسه، ومن يغرس بأجر، ومن يتطوع بذلك وغير ذلك، وأما المرأة فهي داخلة في الحكم لأن التعبير بالمسلم للتغليب، ولفظ "رجل" في الرواية الثالثة لا مفهوم له، بل هو لبيان الواقع والغالب والكثير، وأما رواية "ما من عبد" والعبد يشمل المسلم والكافر فالمراد منها المسلم، حملاً للمطلق على المقيد. لما يأتي في فقه الحديث.
(يغرس غرسًا) في الرواية الثانية "لا يغرس مسلم غرسًا، ولا يزرع زرعًا" والغرس خاص بالشجر، والزرع بالنبات الصغير.
(إلا كان ما أكل منه له صدقة)"ما أكل" بالبناء للمجهول، وحذف الفاعل لإرادة عموم الآكل، وهو ما أشار إليه في الرواية الثانية "إنسان ولا دابة، ولا شيء" وفي الرواية الثالثة "سبع أو طائر أو شيء" وفي الرواية الخامسة "طير أو إنسان أو بهيمة" وفي رواية لأحمد "آدمي أو خلق ممن خلق الله" وفي رواية "ما أصابت منه العوافي" والعوافي طلاب الرزق من الناس والدواب والطير، والتعبير بالأكل لأنه أهم مقاصد النفع والمراد مطلق الانتفاع ولو بالظل أو باللمس أو بالريح أو بالمنظر الجميل.
(ولا يرزؤه أحد) براء قبل الزاي ثم همزة، أي لا يأخذ منه أحد أخذًا ينقص ما عنده، يقال: رزأه يرزأه بفتح الهمزة فيهما رزءًا بضم الراء وسكون الزاي، إذا أصابه برزء، أي مصيبة. ففيه إشارة إلى أن الأجر ثابت، ولو كان الأخذ رغم أنفه، ولو كان فيه إفساد في نظره.
(إلا كان له صدقة) أي إلا كان هذا الأكل له صدقة، أي يشبه الصدقة في حصول الأجر الأخروي فالكلام على التشبيه. ففيه استعارة تصريحية.
(دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها) أي في حائط نخل أو حديقة نخل. وأم مبشر بضم الميم وفتح الباء وتشديد الشين المكسورة - هي أم معبد - بفتح الميم وسكون العين وفتح الباء الواردة في الرواية الرابعة. قال النووي: ويقال "أم بشير" بفتح الباء وكسر الشين، فحصل أنها يقال لها: أم مبشر وأم معبد وأم بشير، واسمها قيل الخليدة، ولم يصح، وهي امرأة زيد بن حارثة. أسلمت وبايعت.
(إلى يوم القيامة) جعل الغاية مرتبطة بقوله "لا يغرس المسلم غرسًا" على معنى أن هذا الحكم ثابت للغارس الذي يغرس في أي زمان إلى يوم القيامة لا يفيد جديدًا، فهذا الحكم كالأحكام