للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله وأنك رسول الله، وأحب أن أعلم منك ما يجب علي، ماذا علي من الصلوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في كل يوم وليلة. قال الرجل: هل علي صلاة غيرها؟ قال صلى الله عليه وسلم: ليس عليك غيرها لكن لك أن تتطوع بما تشاء من صلاة. قال الرجل: فماذا علي من صوم؟ قال صلى الله عليه وسلم: صيام شهر رمضان من كل عام. قال الرجل: هل علي صيام غيره؟ قال صلى الله عليه وسلم: ليس عليك صيام غيره، لكن لك أن تتطوع. قال الرجل: فماذا علي من زكاة؟ فبين له صلى الله عليه وسلم ما يجب عليه من زكاة. فقال الرجل: هل علي من زكاة غير ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: ليس عليك زكاة غيرها، لكن لك أن تتطوع بما تشاء من صدقات.

وطفق الرجل يسأل عما يجب عليه من شرائع الإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجيبه، فلما اكتفى قام مدبرا وهو يقول: والله لا أزيد على ما وجب علي شيئا ولا أنقص منه شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إن صدق هذا الرجل فيما قال، ووفى بما التزم دخل الجنة وكان من المفلحين الفائزين.

-[المباحث العربية]-

(جاء رجل) لم يرد اسمه، وزعم القاضي عياض أن البخاري سماه، وأنه ضمام بن ثعلبة السعدي، وجزم ابن بطال وآخرون بذلك اعتمادا على إيراد مسلم لقصة ضمام عقب هذا الحديث، ولأن في كل منهما أن الرجل بدوي، وأنه قال: لا أزيد على هذا ولا أنقص، ويقوي هذا الزعم، وأنهما حديث واحد أن ابن سعد وابن عبد البر وجماعة لم يذكروا لضمام إلا هذا الحديث.

لكن القرطبى رد هذا الرأي بأن من سماه البخاري ضماما هو الرجل الآتي في حديث أنس. وقال: ودعوى أنهما قصة واحدة دعوى فرط، وتكلف شطط من غير ضرورة، اهـ.

(من أهل نجد) النجد ما ارتفع من الأرض، والغور ما انخفض منها، وصحراء نجد معروفة شرق الحجاز، سميت نجدا لارتفاعها. والغور المقابل لها تهامة.

(ثائر الرأس) أي متفرق شعر الرأس، منتشره ومنتفشه، شأن من ترك الرفاهية وسافر في الصحراء، وفيه إشارة إلى أنه إنما جاء لهذه الغاية فبادر إليها، و"ثائر" بالرفع صفة لرجل وقيل: يجوز نصبه على الحال من رجل بناء على مجيء الحال من النكرة إذا وصفت، أو حال من ضميره في متعلق الجار والمجرور، واعترض بأن "ثائر الرأس" مضاف إلى معرفة فلا يقع صفة للنكرة، ولا يقع حالا، وأجيب بأن إضافته لفظية لا تفيد تعريفا.

وفي الكلام مضاف محذوف تقديره: ثائر شعر الرأس.

(نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول) روي "نسمع" و"نفقه" بالنون المفتوحة فيهما، وروي بالياء المضمومة فيهما، والأول أشهر، و"ما" موصولة، وعائد الصلة محذوف و"دوي الصوت" شدته وارتفاعه وتكرره ومنه دوي النحل، وإنما لم يفهموا ما يقول لأنه نادى من بعد متعجلا السؤال، فلما دنا فهم كلامه، لهذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>