للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام) و"حتى" غاية لمجيئه وإقباله والمعنى: أقبل إلى أن دنا، و"إذا" فجائية، وتختص بالجمل الإسمية، ولا تحتاج إلى جواب. قيل: هي حرف، وقيل: ظرف مكان وقيل: ظرف زمان للحال لا الاستقبال.

(خمس صلوات في اليوم والليلة) ظاهره عدم التطابق بين السؤال والجواب، ولهذا قيل: إن الرجل كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنه إنما كان يسأل عن شرائع الإسلام وأموره، فقيل له: أمور الإسلام خمس صلوات ... وكذا. وكذا.

وفي رواية: "أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة"؟ و"خمس" يجوز فيه الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هي خمس صلوات، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف، والتقدير: فرض الله خمس صلوات.

(لا. إلا أن تطوع) بتشديد الطاء وأصله تتطوع بتاءين، فأدغمت التاء في الطاء.

والاستثناء قيل: منقطع، ومعناه: لا يجب عليك شيء غيرهن، لكن يستحب لك التطوع، وقيل: متصل، والمعنى: لا يجب عليك شيء غيرهن إلا ما شرعت فيه من التطوع فيجب عليك إتمامه، وفي المسألة خلاف فقهي طويل سيأتي في فقه الحديث.

(وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة) هذا من قول الراوي كأنه نسي ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبس عليه الأمر فجاء بهذه العبارة. قال الأبي: وفيه صحة نقل الحديث بالمعنى، ورد عليه بعضهم بأن من قال: قرأ فلان الفاتحة لا يصدق عليه أنه نقل المقروء لا لفظا ولا معنى.

(أفلح وأبيه إن صدق) الفلاح الظفر وإدراك البغية، والعرب تقول لكل من أصاب خيرا مفلح، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، والتقدير: "إن صدق في قوله فقد أفلح" وفيه دليل على جواز إطلاق الصدق في الخبر المستقبل، خلافا لمن قصره على الخبر في الماضي وخص المستقبل بالوفاء.

(أو دخل الجنة وأبيه إن صدق) كلمة "أو" للشك من الراوي أي اللفظين قاله صلى الله عليه وسلم.

-[فقه الحديث]-

استدل الحنفية والمالكية بالحديث على أن الشروع بالتطوع يوجب إتمامه، تمسكا بأن الأصل في الاستثناء أن يكون متصلا، ويوضح القرطبي وجه الاستدلال بقوله: نفى الحديث وجوب شيء آخر إلا ما تطوع به، والاستثناء من النفي إثبات، ولا قائل بوجوب التطوع فيتعين أن يكون المراد إلا أن تشرع في تطوع فيلزمك إتمامه، ورد عليهم بأن الاستثناء هنا من غير الجنس بقرينة أن التطوع

<<  <  ج: ص:  >  >>