للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يقال فيه: عليك، وقد علم أن التطوع ليس بواجب، وبقرينة ما رواه النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانا ينوي صوم التطوع ثم يفطر، وفي البخاري أنه صلى الله عليه وسلم أمر جويرية بنت الحارث أن تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه، فدل على أن الشروع في العبادة لا يستلزم الإتمام إذا كانت نافلة، بهذا النص في الصوم والقياس في الباقي.

كما رد عليهم ردا إلزاميا بأن الاستثناء من النفي عندهم ليس للإثبات بل مسكوت عنه، وقوله: "إلا أن تطوع" استثناء من قوله: "لا" أي لا فرض عليك غيرها.

كما أنهم لا يقولون بفرضية الإتمام، بل بوجوبه، واستثناء الواجب من الفرض منقطع لتباينهما.

وقد أورد على الحديث إشكالات نعرضها مع الإجابة عليها.

الأول: كيف أجاب صلى الله عليه وسلم عن السؤال عن الإسلام بما أجاب مع أن أساس حقيقة الإسلام الشهادتان؟

وأجيب بأنه يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر له الشهادتين فلم يسمعهما الراوي لبعد موضعه، أو لم ينقله لشهرته.

والأولى أن يقال: إنما لم يذكر له الشهادة لأنه علم أنه يعلمها، أو علم أن السؤال ليس عن حقيقة الإسلام، بل عن شرائعه الفعلية، فأجاب بتعاليم الإسلام العملية.

الثاني: لماذا لم يذكر الحج؟ وكيف نوفق بين ما هنا وبين ما جاء في بعض الروايات من عدم ذكر الصوم؟ وفي بعضها من عدم ذكر الزكاة، وفي بعضها بزيادة صلة الرحم، وفي بعضها بزيادة أداء الخمس؟ .

وأجيب بأنه لم يذكر الحج لأنه لم يكن فرض بعد، أو أن الراوي اختصره.

واختلاف الروايات بالزيادة والنقص كثيرة في الأحاديث، فإن أمكن حمل كل منها على واقعة خاصة، واختلاف الإجابات عن السؤال الواحد لاختلاف السائلين ومراعاة أحوالهم. إن أمكن هذا الحمل كان خيرا وإلا حمل على تفاوت الرواة الحفظ والضبط، وذلك لا يمنع من إيراد الجميع في الصحيح لما عرف من أن زيادة الثقة مقبولة.

الثالث: كيف أثبت له الفلاح بما ذكر مع أنه مرتبط باجتناب المنهيات ولم تذكر؟

وأجيب بأن المنهيات لم تكن شرعت بعد، ورد هذا الجواب بأن السؤال كان بالمدينة وبعد أن شرعت أكثر المنهيات. والجواب الحق هو أنه ورد في الروايات الصحيحة عبارة "فأخبره بشرائع الإسلام" فأفادت أنه ذكر له ما يجب فعله وما يجب اجتنابه وإن اقتصرت بعض الروايات.

الرابع: كيف أثبت له الفلاح إن صدق فيما التزم به، وقد التزم عدم الزيادة؟ .

وأجيب بأن إثبات الفلاح له راجع إلى عدم النقص فقط كأنه قال: أفلح في قوله لا أنقص إن وفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>