والدراهم من الآخر، فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري، وزاد الشافعي أيضًا أن لا تختلف الصفة، كالصحاح والمكسرة.
١٩ - ومن الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة ما كان عليه الصحابة من التواضع، وإنصاف بعضهم بعضًا، ومعرفة أحدهم حق الآخر.
٢٠ - واستظهار العالم في الفتيا بنظيره في العلم.
٢١ - وفي حديث فضالة، روايتنا الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة أنه لا يجوز بيع ذهب مع غيره، بذهب، حتى يفصل، فيباع الذهب بوزنه ذهبًا، ويباع الآخر بما أراد، وكذا لا تباع فضة مع غيرها بفضة، وكذا الحنطة مع غيرها بحنطة، وكذا سائر الربويات، بل لا بد من فصلها، قال النووي: وهذه هي المسألة المشهورة في كتب الشافعي وأصحابه وغيرهم، المعروفة بمسألة "مد عجوة" وصورتها بيع مد عجوة ودرهم بمدي عجوة، أو بدرهمين، وهو لا يجوز لهذا الحديث، وهو منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابنه وجماعة من السلف، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحق ومحمد بن الحكم المالكي، وقال أبو حنيفة والثوري والحسن بن صالح: يجوز بيعه بأكثر مما فيه من الذهب، ولا يجوز بمثله، ولا بدونه، وقال مالك وأصحابه وآخرون: يجوز بيع السيف المحلى بذهب، يجوز بيعه بذهب إذا كان الذهب في المبيع تابعًا لغيره، وقدروه بأن يكون الثلث فما دونه، وقال حماد بن أبي سليمان: يجوز بيعه بالذهب مطلقًا، سواء باعه بمثله من الذهب أو أقل منه، أو أكثر. وهذا غلط مخالف لصريح الحديث. واحتج أصحابنا بحديث القلادة، وأجابت الحنفية بأن الذهب كان فيها أكثر من اثنى عشر دينارًا، واشتراها باثني عشر دينارًا، قالوا: ونحن لا نجيز هذا، وإنما نجيز البيع إذا باعها بذهب أكثر مما فيها، فيكون ما زاد من الذهب المنفرد في مقابلة الخرز ونحوه، مما هو مع الذهب المبيع، فيصير كعقدين، وأجاب الطحاوي بأنه إنما نهي عنه لأنه كان في بيع الغنائم، لئلا يغبن المسلمون في بيعها. قال النووي: قال أصحابنا: وهذان الجوابان ضعيفان، لا سيما جواب الطحاوي، فإنه دعوى مجردة.
قال أصحابنا: ودليل صحة قولنا، وفساد التأويلين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يباع حتى يفصل" وهذا صريح في اشتراط فصل أحدهما عن الآخر في البيع، وأنه لا فرق بين أن يكون الذهب المبيع قليلاً أو كثيرًا، وأنه لا فرق بين بيع الغنائم وغيرها.
٢٢ - ومن الرواية المتممة للعشرين، من قوله "بيعوا هذا، واشتروا بثمنه من هذا" أخذ الشافعية وموافقوهم أن العينة ليست بحرام، وهي الحيلة التي يعملها بعض الناس، توصلاً إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بمائتين، فيبيعه ثوبًا بمائتين، ثم يشتريه منه بمائة، قال النووي: وموضع الدلالة من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بيعوا هذا، واشتروا بثمنه من هذا" ولم يفرق بين أن يشتري من المشتري، أو من غيره، فدل على أنه لا فرق، وهذا كله ليس بحرام عند الشافعي وآخرين، وقال مالك وأحمد: هو حرام.
٢٣ - وفي قوله "هذا الربا. فردوه" في الرواية الثالثة والعشرين، دليل على أن المقبوض ببيع فاسد