آية الميراث الأولى، وبين أن نزل قوله تعالى {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين}[النساء: ١٧٦] وأخذ الصحابة بعدها يتناقشون في معانيها، وما يستنبط منها من أحكام، ويفرعون على الصور صورًا، ويتساءلون عن صور مفترضة، ومن هؤلاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أكثر من مراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أغلظ له الرد، وقال له: يكفيك آية الكلالة في وضوحها، وهي التي في آخر سورة النساء.
رابعها: الميت يترك دينًا، ولا يخلف مالاً، وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يخوف من مثل هذا فلا يصلي عليه صلاة الجنازة، فلما أدرك الصحابة خطر هذا الفعل، وتحاشوا الاستدانة إلا لضرورة، وفتح الله على نبيه الفتوح تحمل دين من يموت، ونزل عليه قوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}[الأحزاب: ٦] فقال لصحابته: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي وعليه دين، لا يترك له وفاء، فعلي قضاءه، ومن ترك مالاً فهو لورثته، ومن ترك عيالاً فقراء محتاجين فأنا مولاهم، المسئول عنهم. صلى الله عليه وسلم. بالمؤمنين رؤوف رحيم.
-[المباحث العربية]-
(لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم) قال النووي: في بعض النسخ "ولا الكافر المسلم" بحذف لفظة "يرث".اهـ. وفي رواية للبخاري "المؤمن" في الموضعين، وعند النسائي "لا يتوارث أهل ملتين" وسيأتي في فقه الحديث ما يتعلق بتوارث أهل الملل المختلفة.
قال المبرد: الإرث أصله العاقبة، ومعناه الانتقال من واحد إلى واحد.
(ألحقوا الفرائض بأهلها) الفرائض جمع فريضة، فعيلة بمعنى مفعولة، مأخوذة من الفرض، وهو القطع، قال تعالى {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا}[النساء: ٧] أي مقطوعًا محددًا، ومنه فريضة الصلاة، والمراد بالفرائض هنا الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى، وهي النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، والمراد بأهلها من يستحقها بنص القرآن، وفي الرواية الرابعة "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله" أي على وفق ما أنزل في كتاب الله.
(فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) في الرواية الثالثة "فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر""أولى" بفتح الهمزة وسكون الواو، وفتح اللام، أفعل تفضيل من الولي - بسكون اللام. وهو القرب، أي لمن يكون أقرب في النسب إلى المورث، وليس المراد بالأولى هنا الأحق، وليس من قبيل: الرجل أولى بما له من غيره، فذا بمعنى أحق. لأنه لو حمل هنا على معنى أحق لخلا عن الفائدة، لأنا لا ندري من هو الأحق. قاله النووي.