الحكم فيها ظهورًا بينا، فيؤخر الحكم حتى يتم الاجتهاد فيها، ويستوفى نظرها، ويتقرر الحكم، ثم يقضي به ويشيعه بين الناس. قال النووي: ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما أغلظ له لخوفه من اتكاله، واتكال غيره على ما نص عليه صريحًا، وتركهم الاستنباط من النصوص، وقد قال الله تعالى {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}[النساء: ٨٣] فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة، لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا باليسير من المسائل الحادثة، فإذا أهمل الاستنباط فات القضاء في معظم الأحكام النازلة، أو في بعضها. والله أعلم.
١٠ - استدل بعضهم بحديث البراء - روايتنا العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة على أن آية الكلالة في آخر النساء آخر آية نزلت من القرآن، وأخرج البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا، وجاء عنه من وجه آخر "آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}[البقرة: ٢٨١] يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال.
وجمع بعضهم بأن الآيتين نزلتا جميعًا، فيصدق أن كلاً منهما آخر بالنسبة لما عداهما، ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث مثلاً، بخلاف آية البقرة، ويحتمل عكسه. والله أعلم.
١١ - ومن الرواية الثالثة عشرة، من قوله "صلوا على صاحبكم" الأمر بصلاة الجنازة، وهي فرض كفاية.
١٢ - واستدل بعضهم بروايتنا الأولى، بقوله "لا يرث الكافر المسلم" على جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الآحاد، لأن قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم} عام في الأولاد، فخص منه الولد الكافر، فلا يرث من المسلم، بالحديث المذكور، وأجيب بأن المنع حصل بالإجماع، وخبر الواحد إذا حصل الإجماع على وفقه كان التخصيص بالإجماع، لا بخبر الواحد فقط.