للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة أو سنتين، ثم طابت نفسه أن يهب له بدل الحديقة غلامًا، ورضيت عمرة بذلك، إلا أنها خشيت أن يرتجعه أيضًا فقالت له: أشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد بذلك تثبيت العطية وأن تأمن من رجوعها فيها، ويكون مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم للإشهاد، مرة واحدة، وهي الأخيرة، وغاية ما فيه أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ بعض، أو كان النعمان يقص بعض القصة تارة، ويقص بعضها أخرى، فسمع كل ما رواه، فاقتصر عليه. اهـ.

وهو جمع حسن، وإن كان يقوم على احتمال الهبة والرجوع فيها، ثم الهبة مرة أخرى، وهذا يحتاج إلى معتمد، ثم إن رواية ابن حبان والطبراني فيها الحديقة، وفيها إتيان النبي صلى الله عليه وسلم وقوله "لا أشهد على جور" ورواية العبد في الصحيحين فيها الإتيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله "لا أشهد على جور" فبقي الإشكال، وعندي احتمال قد يرفع الإشكال، وهو أن يكون بشير قد نحل ابنه حديقة وغلامًا معًا، ويكون الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد نحلت ابني هذا حديقة وغلامًا ... إلخ، فذكر النعمان في تحديثه إحدى النحلتين، أو اقتصر بعض الرواة على ذكر إحدى النحلتين، وذكر إحدى النحلتين لا ينفي الأخرى، حيث لا قصر في الأسلوب، هذا إذا كانت هناك ضرورة للجمع، وإلا فالاعتماد على روايات الصحيحين. والله أعلم.

(أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ ) الهمزة للاستفهام الحقيقي، و"كل" منصوب على الاشتغال، وهو مفعول مقدم في الرواية الثانية "أكل بنيك نحلت"، والولد يطلق على الذكر والأنثى، ولم يذكر ابن سعد لبشير والد النعمان ولدًا غير النعمان، وذكر له بنتًا اسمها أبية تصغير أبي وفي الرواية الثانية "أكل بنيك نحلت" والابن يطلق على الذكر، فإن كان لبشير ذكور وإناث فذكر "بنيك" للتغليب والرواية السادسة، ولفظها "ألك بنون سواه؟ قال: نعم" ترد كلام ابن سعد، اللهم إلا أن يقال: إنهم كانوا وماتوا، وهو بعيد. وفي الرواية الثالثة "فكل إخوته أعطيته كما أعطيت هذا"؟ والضمير في "أعطيته" يجوز إفراده مراعاة للفظ "كل" وجمعه مراعاة لمعناه، ومثل ذلك ما جاء في الرواية الخامسة بلفظ "أكلهم وهبت له مثل هذا"؟ والولد بفتح الواو واللام، وكذا بضم الواو وسكون اللام يطلق على المفرد والجمع، ولذا جاء في الرواية الرابعة "أفعلت هذا بولدك كلهم"؟ .

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فارجعه) أي ارجع ما نحلته لابنك. وفي الرواية الثانية "فاردده" وفي الرواية الثالثة "فرده" وفي الرواية الرابعة "فرجع أبي فرد تلك الصدقة".

(عمرة بنت رواحة) بن ثعلبة الخزرجية، أخت عبد الله بن رواحة، الصحابي المشهور، و"رواحة" بفتح الراء.

(بعض الموهبة) قال النووي: كذا في بعض النسخ، وفي معظمها "بعض الموهوبة" وتقديرها بعض الأشياء الموهوبة.

(فالتوى بها سنة) أي فماطلها سنة، وعند ابن حبان "حولين" ويجمع بينهما بأن المدة كانت سنة وشيئًا، فجبر الكسر تارة، وألغى أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>