فليتدبر العاقل، وليؤمن بالقضاء والقدر، وليعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} [الطلاق: ٢ - ٣].
-[المباحث العربية]-
(من قتل نفسه بحديدة) لفظ الحديدة أعم من السكين، فيشمل آلات النجار وآلات الحداد وغيرهما، لكن المراد بها السكين وما شابهها لأنها التي يطعن بها البطن.
(فحديدته في يده) مبتدأ وخبر، أو مبتدأ وحال. وجملة "يتوجأ" الخبر.
(يتوجأ) -بواو مفتوحة وجيم مشددة- على وزن يتكبر، ويجوز تسهيله بقلب الهمزة ألفا، ومعناه يطعن.
وفي رواية: "يجأ" بتخفيف الجيم وبالهمز، وقد تسهل الهمزة أيضا. وأصل "يجأ" مضارع وجا وأصله يوجئ -بفتح الياء وكسر الجيم- فحذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة، ثم فتحت الجيم لأجل الهمزة.
(جهنم) اسم لنار الآخرة، وأكثر النحويين على أنها أعجمية، لا تنصرف للعلمية والعجمة، وقال آخرون: هي عربية، لا تنصرف للتأنيث والعلمية، وسميت بذلك لبعد قعرها. قال رؤبة: يقال: بئر جهنام أي بعيدة القعر، وقيل: مشتقة من الجهومة وهي الغلظ سميت بذلك لغلظ أمرها.
(خالدا مخلدا فيها أبدا) حال مقدرة من فاعل "يتوجأ" وفي ذكر "مخلدا" بفتح اللام المشددة بعد ذكر "خالدا" ما يشعر بالإهانة والإذلال والتحقير، و"أبدا" منصوب على الظرفية.
(ومن شرب سما) -بفتح السين وضمها وكسرها- ثلاث لغات أفصحها الفتح.
وفي رواية: "ومن تحسى" أي تجرع، وأصله من "حسوت المرق" إذا شربت منه شيئا فشيئا.
(فقتل نفسه) فائدة ذكر هذه الجملة بعد ما قبلها توقف الجزاء المذكور عليها.
(ومن تردى من جبل) أي أسقط نفسه منه، بدليل قوله: "فقتل نفسه".
(فقتل نفسه) فائدة ذكرها توقف الجزاء المذكور عليها، وهي التي أفادت التعمد، إذ التردي يكون عن عمد وعن غير عمد، أما إذا تعمد الإلقاء، ولم يحدث بذلك قتل فله جزاء آخر يعلمه الله.
(فهو يتردى في نار جهنم) أي يسقط، وذلك بأن يهيأ له جبل من نار، يكلف الصعود إليه والسقوط منه في نار جهنم، تشير إلى ذلك رواية البخاري "يتردى فيه" أي في الجبل، أي في مثله.