٣٧٧٤ - - عن أبي الزناد بهذا الإسناد مثله غير أنه قال "كلها تحمل غلامًا يجاهد في سبيل الله".
-[المعنى العام]-
سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة كفار قريش عن قصة أصحاب الكهف فقال لهم: غدًا أجيبكم. ولم يقل: إن شاء الله، فتأخر الوحي، ثم نزلت القصة ونزل قوله تعالى {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا * إلا أن يشاء الله}[الكهف: ٢٣، ٢٤] وأخذ الوحي يذكر المسلمين بهذا الاستثناء، الذي يفوض الأمور إلى خالقها وأنه ما من شيء يقع في الكون إلا بإذنه، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد والإنسان مهما بلغت قوته وسلطته هو وعمله في قبضة القاهر فوق عباده، فلا يظنن أنه يفعل الشيء بحوله وقوته، دون مشيئة ربه، وإرادته وقوته، ولا يظن أنه سيفعل غدًا كذا وكذا، فيعد، ويجزم، ويحلف، دون أن يفوض لله الأمر، فقد لا يأتي عليه الغد هو نفسه، وقد يجيء عليه الغد وهو عاجز عن الفعل، وقد ينسى ما وعد به، وقد يكون ما تمناه في غده ورجاه، وظن أنه ميسور، قد لا يكون في دائرة مقدوره ومشيئته أصلاً. بل هو في محض مشيئة الله وإرادته، كالحمل والولد والحياة.
وهكذا يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بهذه الحقيقة بين الحين والحين، ويقص عليهم في هذا الحديث ما قصه الله عليه في وحيه، عن أخيه سليمان بن داود عليهما السلام، مما يؤكد هذه الحقيقة، فيقول: لقد كان لسليمان عليه السلام ملكًا ليس لأحد من بعده، وكان تحته من النساء ستون أو سبعون أو تسعون امرأة، وكانت جنوده لا قبل لمن حوله من الملوك بها، وكان يطمع في زيادة هذه القوة بفرسان من صلبه، فتمنى على الله أن يعينه على أن يطوف على نسائه جميعهن في ليلة واحدة، فتحمل كل واحدة ذكرًا، فيصير رجلاً فارسًا، ولو أنه أجيب لذلك ربما قدر له مائة رجل في كل عام، لكنه نسي أن يقول: إن شاء الله، بلسانه، وهي دائمًا في عقيدته، وخاطره، لكنه لم ينطق بها لسانه فعاقبه ربه، طاف على نسائه كلهن - ربما مرات - فلم تحمل واحدة منهن، غير امرأة واحدة، حملت وبعد تسعة أشهر ولدت نصف طفل، وألقته القابلة على كرسيه متعجبة، فتذكر سليمان خطأه، واستغفر ربه، ونزل على محمد صلى الله عليه وسلم قوله سبحانه وتعالى {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا ثم أناب * قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}[ص: ٣٤، ٣٥].