كالصلاة لا يجب عليهم قضاؤه، فكيف يكلفون بقضاء ما ليس واجبًا بأصل الشرع؟ وأجاب بعضهم عن هذا الاعتراض بأن الواجب بأصل الشرع كالصلاة مرتبط بوقت، وقد خرج قبل أن يسلم الكافر، ففات وقت أدائه، فلم يؤمر بقضائه، لأن الإسلام يجب ما قبله، فأما إذا لم يوقت نذره، فلم يتعين له وقت حتى أسلم، فإيقاعه له بعد الإسلام يكون أداء، لاتساع ذلك باتساع العمر، ولهذا يجب الحج على ما من أسلم، لاتساع وقته، بخلاف ما فات وقته، ويرد على هذا بأن وجوب الحج على من أسلم بوجوب جديد توجه إليه بعد إسلامه. النقطة الثانية التي يتعرض لها الحديث اعتكاف ليلة، قال النووي: أما الرواية التي فيها اعتكاف يوم فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة، لأنه يحتمل أنه سأله عن اعتكاف ليلة وسأله عن اعتكاف يوم، فأمره بالوفاء بما نذر، فحصل منه صحة اعتكاف الليل وحده، ويؤيده رواية ابن عمر "أن عمر نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أوف بنذرك، فاعتكف عمر ليلة" رواه الدارقطني، وقال: إسناده ثابت.
هذا مذهب الشافعي، وبه قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق في رواية عنهما: لا يصح الاعتكاف إلا يصوم، وهو قول أكثر العلماء.
أما نفي ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة، فمحمول على نفي علمه، أي إنه لم يعلم ذلك، قال النووي: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، والإثبات مقدم على النفي، لما فيه من زيادة العلم.