(فهو كما قال)"ما" مصدرية، أو موصولة، والعائد محذوف أي فهو مثل قوله، أو فهو كالذي قاله، والمعنى الشرعي سيوضح في فقه الحديث.
(ومن قتل نفسه بشيء) أعم من الحديدة والسم والتردي من الجبل المذكورات في الحديث السابق.
(وليس على رجل نذر في شيء لا يملكه) كلمة "رجل" لما هو الغالب، والحكم شامل للمرأة، ورواية البخاري "وليس على ابن آدم" أي وكذا ابنة آدم، وفي "نذر" مضاف محذوف، أي ليس عليه وفاء نذر.
(ولعن المؤمن كقتله) اللعن في الأصل: الإبعاد عن رحمة الله، وقد يقصد به محض السب وفي معناه الدعاء على الإنسان بالسوء، كقولهم: قاتله الله، ومن المعلوم أنه لا يشترط في المشبه مشاركة المشبه به من جميع الوجوه، ومن هنا قيل: إن تشبيه لعن المؤمن بقتله إنما هو في أصل التحريم، وإن كان القتل أغلظ، وقيل لأنه إذا لعنه فكأنما دعا عليه بالهلاك، وسيأتي توضيحه.
(ومن ادعى دعوى كاذبة) هذه هي اللغة الفصيحة، يقال: دعوى باطل، وباطلة وكاذب وكاذبة، لكن التأنيث أفصح.
(ليتكثر بها) قال النووي: ضبطناه بالثاء المثلثة بعد الكاف، وكذا هو في معظم الأصول، وهو الظاهر، وضبطه بعض الأئمة المعتمدين بالباء الموحدة، وله وجه، وهو بمعنى الأول، أي يصير ماله كبيرا عظيما.
(ومن حلف على يمين صبر فاجرة) قال النووي: كذا وقع في الأصول هذا القدر فحسب، وفيه محذوف، إذ لم يأت في الحديث هنا الخبر عن هذا الحالف، إلا أن يعطفه على قوله قبله "ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة" أي وكذلك من حلف على يمين صبر، فهو مثله. قال القاضي عياض: وقد ورد معنى هذا الحديث تاما مبينا في حديث آخر "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان".
ويمين الصبر هي التي ألزم بها الحالف عند الحاكم ونحوه، وأصل الصبر الحبس والإمساك. ومعنى "فاجرة" أي خارجة عن حدود الشرع.