٥ - وأما من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها، فقد قال القاضي عياض: هو عام في كل دعوى يتشبع بها المرء بما لم يعط: من مال يختال في التجمل به، أو نسب ينتمي إليه، أو علم يتحلى به، وليس هو من حملته، أو دين يظهره وليس هو من أهله، فقد أعلم صلى الله عليه وسلم أنه غير مبارك له في دعواه، ولا يزكو ما اكتسبه بها، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم "المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور" فمن ادعى ما ليس عنده فضلا عن كونه كاذبا فيما ادعاه - جزاه الله بنقيض قصده، ونقصه ما عنده من صنف ما ادعاه.
ويستثنى من هذا مواطن منها: إظهار القوة والعدة لإرهاب الكفار، والتجلد والتظاهر بعدم التأثر بالنوائب أمام الشامتين، والتعفف وإظهار الغنى في بعض حالات توزيع الصدقات، ونحو ذلك مما يعود بالنفع المشروع.
٦ - وأما من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم فقد يكون في البيع بالحلف على السلعة أنه أعطى بها كذا وكذا ليغري المشتري ويستولي على أكثر مما يستحق عن ثمن السلعة.
فيكون مآله الخسران، وفي معنى ذلك ورد الحديث "اليمين الفاجرة منفقة للسلعة، ممحقة للكسب". وقد مرت الإشارة إليه في الحديث قبل السابق، وقد يكون في التقاضي ومحاولة الاستيلاء على حقوق الآخرين بقوة بلاغته، أو مناصرة شيعته، فكل ما يقضى له بذلك إنما هو قطعة من النار.
وقد روى البخاري "من حلف على يمين صبر، وهو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان".
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - التحذير من الحلف بملة غير الإسلام، أو تعليق الدخول فيها على فعل شيء.
٢ - التحذير من الانتحار بأية وسيلة ولأي سبب من الأسباب.
٣ - أنه لا يصح النذر فيما لا يملك.
٤ - تغليظ لعن المسلم، وفيه يقول الغزالي: لا يجوز لعن أحد من المسلمين ولا الدواب، ولا فرق بين الفاسق وغيره، ولا يجوز لعن أعيان الكفار، حيا كان أو ميتا، إلا من علمنا بالنص أنه مات كافرا كأبي لهب وأبي جهل وشبههما، ويجوز لعن طائفتهم كقولك: لعن الله الكفار ولعن اليهود والنصارى. اهـ.
٥ - غلظ تحريم اليمين الفاجرة التي يقتطع بها مال غيره.