وزيادة الثقة مقبولة، وأما الثاني فهذا التأويل مردود، لأن التأويل إنما يصار إليه إذا اضطربت الأدلة الشرعية، ولم يكن بد من ارتكابه، وليس هنا شيء من ذلك، فوجب حمله على ظاهره.
٣٧ - ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة "اذهبوا به فارجموه" جواز استنابه الإمام من يقيم الحد، قال العلماء: لا يستوفي الحد إلا الإمام أو فوض ذلك إليه.
٣٨ - ومن الرواية الثانية عشرة، قصة العسيف، من قول الرجل "فسألت أهل العلم" قال النووي: فيه جواز استفتاء غير النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر ذلك عليه، وأن الصحابة كانوا يفتون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي بلده.
٣٩ - وجواز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل، أو من هو أفضل منه.
٤٠ - ومن قوله "الوليدة والغنم رد" أن الصلح الفاسد يرد، وأن أخذ المال فيه باطل، يجب رده، قال ابن دقيق العيد: وبهذا يتبين ضعف عذر من اعتذر من الفقهاء عن بعض العقود الفاسدة، بأن المتعاوضين تراضيا، وأذن كل منهما للآخر في التصرف، والحق أن الإذن في التصرف مقيد بالعقود الصحيحة.
٤١ - وأن الحدود لا تقبل الفداء.
٤٢ - ومن قوله "وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام" بعد إقرار الأب في حضور الابن وسكوت الابن، أخذ بعضهم صحة إقرار الأب على الابن، والصحيح أن إقرار الأب على الابن لا يقبل، ويحمل ما حصل على أن الابن اعترف، وتبين أن الابن زنى وهو بكر، أو يكون هذا إفتاء، أي إن كان ابنك زنى وهو بكر فعليه جلد مائة وتغريب عام، والأول أقرب.
٤٣ - وعن قوله "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" قال النووي: بعث أنيس محمول عند العلماء من أصحابنا وغيرهم، على إعلام المرأة، بأن هذا الرجل قذفها بابنه، فلها عنده حد القذف، فتطالب به، أو تعفو عنه، إلا أن تعترف بالزنا، فلا يجب عليه حد القذف، بل يجب عليها حد الزنا، وهو الرجم، لأنها كانت محصنة "امرأة هذا" فذهب إليها أنيس، فاعترفت بالزنا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها، فرجمت، قال النووي: ولا بد من هذا التأويل، لأن ظاهره أنه بعث لإقامة حد الزنا، وهذا غير مراد، لأن حد الزنا لا يتوصل إليه بالتجسس والتفتيش عنه، بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن الرجوع، فحينئذ يتعين التأويل المذكور.
٤٤ - وذهب بعض العلماء إلى أن هذا البعث واجب على القاضي، فإذا قذف إنسان إنسانًا معينًا في مجلسه، وجب عليه أن يبعث إليه من يعرفه بحقه، من حد القذف، وقيل: لا يجب، قال النووي: والأصح وجوبه.
٤٥ - وفي الحديث الرجوع إلى كتاب الله نصًا، أو استنباطًا.
٤٦ - وجواز القسم على الأمر من غير استحلاف، لتأكيده.