للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنعة، فإن كنتم تريدون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وذاك، وإلا فمن الآن؟ قالوا: قد بايعناه.

البيعة الثالثة التي شهدها عبادة بيعة الرجال على مثل ما بويع عليه النساءٍ، المذكورة في سورة الممتحنة في قوله تعالى {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم} [الممتحنة: ١٢].

وكانت هذه البيعة بعد الفتح، وحضرها عبادة بن الصامت، وروايات الباب تتحدث عن هذه البيعة الثالثة، لكن عبارة "إني لمن النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم" الواردة في الرواية الثالثة، أوهمت أن المذكور في البيعة كان في بيعة العقبة الثانية، التي كان فيها عبادة نقيبًا، وليس كذلك، ففي ملحق الرواية الأولى قال "فتلا علينا آية النساء. أن لا يشركن بالله شيئًا" وعند النسائي "ألا تبايعونني على ما بايع عليه النساء؟ أن لا تشركوا بالله شيئًا .. " الحديث، وهناك روايات كثيرة تصرح بأن أحاديث الباب تتكلم عن البيعة التي كانت بعد فتح مكة، وإنما حصل الالتباس من جهة أن عبادة بن الصامت حضر البيعتين معًا، وكانت بيعة العقبة من أعظم ما يتمدح به، فكان يذكرها إذا حدث، تنويهًا بسابقيته، فلما ذكر هذه البيعة التي صدرت على مثل بيعة النساء عقب ذكر كونه أحد النقباء، توهم من لم يقف على حقيقة الحال أن بيعة العقبة وقعت على ذلك. والمبايعة عبارة عن المعاهدة، سميت بذلك تشبيهًا لها بالمعاوضة المالية.

(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) في الرواية الثانية "ولا نقتل أولادنا" قال بعضهم: خص القتل بالأولاد لأنه قتل وقطيعة رحم، فالعناية بالنهي عنه آكد، أي عناية بالأهم، ولأنه كان شائعًا فيهم، وهو وأد البنات، وقتل البنين خشية الإملاق، وقيل: خصهم بالذكر لضعفهم، لأنهم يعجزون عن الدفاع عن أنفسهم.

(فمن وفى منكم فأجره على الله) "وفى" في رواية بتخفيف الفاء، وفي رواية بتشديدها وهما بمعنى، أي فمن ثبت على العهد فأجره على الله، ولم يحدد أجره، بل أطلق على سبيل التفخيم، وعبر بلفظ "على" للمبالغة في تحقق وقوعه كالواجبات، وليس للوجوب، فإن الله لا يجب عليه شيء، وقد بينت الرواية الثالثة هذا الأجر، ففيها "فالجنة إن فعلنا ذلك" وقال النووي: قال "فأجره على الله" في الرواية الأولى، ولم يقل: فالجنة، لأنه لم يقل في الرواية الأولى: ولا نعصي، وقد يعصي الإنسان بغير الذنوب المذكورة في هذا الحديث، كشرب الخمر، وأكل الربا وشهادة الزور، مع تجنب المعاصي المذكورة في الحديث، فيعطى أجره على الوفاء بما ذكر في الحديث. ويجازى على المعاصي الأخرى. اهـ أما الرواية الثالثة ففيها "ولا نعصي" فكان الأجر الجنة لمن وفى.

(ومن أصاب شيئًا من ذلك) في الرواية الثالثة "فإن غشينا من ذلك شيئًا".

(فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك، فستره الله عليه، فأمره إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>