رضا الله في اتباع أوامره واجتناب نواهيه {فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين}[التوبة: ٩٦] وأهم أوامره وأولها أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وثانيها أن تعتصموا بحبل الله جميعا المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ثالث هذه الأوامر النهي عن التفرق والنهي عن الشيء أمر بضده فالأمر الثالث في الحديث المحافظة على الوحدة واستمرارها وزيادتها فلا يرفع المسلم سلاحه في وجه مسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ويرتد عن الإسلام ويخرج من دائرته التارك لدينه المفارق للجماعة.
وسخط الله -وهو المقابل للرضا- في ارتكاب معاصيه وبين الأمرين مكروهات لله تعالى ليست بالمعاصي الكبيرة ولكنها تسيء إلى الإيمان وتعكره وتضعفه وتزيد في السيئات والذنوب ويحسبها المسلم أمرا هينا وهو عند الله عظيم اختار الحديث ثلاثة من هذا النوع كمثل ورمز لما يشبهها أولها كثرة الكلام فيما ينفع وما لا ينفع مما يوقع في الخطأ والآثام والتعرض لأخبار الناس ونقل أحوالهم وغيبتهم ثانيها كثرة سؤال الناس ما في أيديهم أعطوه أو منعوه فهذه ذلة بعيدة عن سيما المؤمنين فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين ثالثها: إضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه المشروع مهما كان المنفق غنيا إن الله لا يحب المسرفين وإن المبذرين كانوا إخوان الشياطين {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}[الإسراء: ٢٩]
-[المباحث العربية]-
(إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا) قال النووي: قال العلماء: الرضا والسخط والكراهة من الله تعالى المراد بها أمره ونهيه وثوابه وعقابه أو إرادته الثواب لبعض العباد والعقاب لبعضهم.
(فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا) إن أريد من العبادة التوحيد كان قوله {ولا تشركوا به شيئا} تأكيدا وإن أريد منها مطلق الطاعة كان تأسيسا والثاني هو الظاهر ليكون المطلوب ثلاثا.
(وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) الاعتصام افتعال من العصمة والمراد التمسك والامتثال والحبل يطلق على العهد وعلى الأمان وعلى الوصلة وعلى السبب وأصله من استعمال العرب الحبل في مثل هذه الأمور لاستمساكهم بالحبل عند شدائد أمورهم ويوصلون به المتفرق والمراد هنا التمسك بعهد الله وهو اتباع كتابه العزيز وحدوده والتأدب بآدابه ففي الكلام