للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استعارة شبه الكتاب العزيز وتعاليمه بالحبل بجامع أن كلا منهما سبب لحصول المقصود به وحذف المشبه وأقيم المشبه به مقامه على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية.

والمراد من النهي عن التفرق الأمر بلزوم جماعة المسلمين وتآلف بعضهم ببعض وهذه الجملة منتزعة من قوله تعالى في سورة آل عمران {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [آل عمران: ١٠٣].

(ويكره لكم قيل وقال) في الرواية الثالثة "ونهى عن ثلاث: قيل وقال" واختلفوا في إعراب هذين اللفظين فقيل: إنهما فعلان. الأول ماض مبني للمجهول والثاني ماض مبني للمعلوم وهما في الرواية الأولى مفعول به مبني على الفتح في محل نصب مقصود حكايته وعلى الرواية الثالثة مقصود حكايتهما في محل جر بدل من "ثلاث" على أنهما فعلان.

الرأي الثاني أنهما اسمان مصدران من الفعل قال تقول: قلت قولا وقالا وقيلا ويؤيد ذلك دخول الألف واللام عليهما فتقول: كثر القيل والقال وهما في الرواية الثالثة مجروران منونان وأما المراد منهما فقيل: كثرة الكلام لأنه يؤدي غالبا إلى الخطأ وقيل المراد منهما حكاية أقاويل الناس والخوض في أخبارهم فيقول: قال فلان كذا وقيل كذا ومحل النهي نقل ذلك من غير تثبت ولا احتياط وقيل: المراد منهما حكاية الاختلاف في أمور الدين ومحل النهي النقل تقليدا دون احتياط فهو من قبيل "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع".

(وكثرة السؤال) حذف المسئول عنه جعل في هذه العبارة احتمالات:

الأول: سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم وقد كثرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك.

الثاني: كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وما جرى لهم مما لا يعني فهو الطرف المقابل لقيل وقال واحد يسأل ويطلب الغيبة والآخر يجيب: قيل كذا وكذا إلخ.

الثالث: كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله مما يكرهه المسئول فيترتب على ذلك حرج المسئول وألمه إذا أجاب بصدق أو الوقوع في الإثم إذا أجاب بكذب أو تكلف المشقة إذا تكلف التعريض أو سوء الأدب إن أهمل جوابه.

الرابع: كثرة السؤال عن أمور غير مهمة قد يؤذي جوابها كما وقع في سبب نزول قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم} [المائدة: ١٠١].

الخامس: كثرة التكلف والتنطع وتتبع الغرائب والأغلوطات والتقعر في المسائل العلمية.

السادس: العموم فيراد كل ذلك وسنعرض ونبسط المسألة في فقه الحديث.

(وإضاعة المال) أي صرفه في غير وجوهه الشرعية فهذا بمثابة إتلافه لأن الله تعالى جعل المال في أيدي الناس ليقوم بمصالحهم وصرفها في غير وجوهها الشرعية تضييع لتلك المصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>