(شراك من نار) خبر مبتدأ محذوف، أي هذا شراك من نار لو لم ترده، أي كان مآله أن يصير شراكا من نار. ففيه مجاز مرسل من قبيل:{إني أراني أعصر خمرا}[يوسف: ٣٦].
-[فقه الحديث]-
من المعلوم أن أبا هريرة هاجر من اليمن إلى المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر. فقد روى أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة قال: قدمت المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وقد استخلف على المدينة "سباع بن عرفطة" فزودنا شيئا حتى أتينا خيبر وقد افتتحها النبي صلى الله عليه وسلم فكلم المسلمين فأشركونا في سهامهم.
إذا تقرر هذا كان قول أبي هريرة في الرواية الثانية:"خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر" مشكلا، ولهذا قال محققو المحدثين: إن الراوي وهم في هذه الرواية، وفي هذه العبارة بالذات ولهذا كانت بقية الروايات بعيدة عن هذه العبارة، فالرواية الأولى التي معنا واضحة لا إشكال فيها ورواية البخاري كذلك، ونصها "افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة" فإدخاله نفسه في افتتاحها باعتبار أنه قسم له في مغانمها، فاعتبر كالمفتتحين لها. ورواية ابن حبان والحاكم "انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى" وهي واضحة. ولعل الرواية الثانية التي معنا محرفة من رواية البيهقي التي نصها "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى".
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - عظم تحريم الغلول، ونقل النووي الإجماع على أنه من الكبائر.
٢ - أنه لا فرق بين قليله وكثيره حتى الشراك الذي هو سير النعل.
٣ - استدل به على أن من غل شيئا من الغنيمة فعليه رده، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الغال يجب عليه أن يعيد ما غل قبل القسمة، وأما ما غل بعدها فقد قال النووي والأوزاعي والليث ومالك: يدفع إلى الإمام خمسه، ويتصدق بالباقي، وكان الشافعي لا يرى ذلك ويقول: إن قيل: إنه ملكه فليس عليه أن يتصدق به، وإن قيل: إنه لم يملكه فليس له الصدقة بمال غيره، قال: والواجب أن يدفعه إلى الإمام كالأموال الضائعة.
٤ - أن الغال إذا رد ما غله قبل منه.
٥ - وأنه لا يحرق متاعه، سواء رده أو لم يرده، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يحرق متاع صاحب الشملة وصاحب الشراك، ولو كان واجبا لفعله، ولو فعله لنقل، وأما حديث "من غل فاحرقوا متاعه واضربوه" وفي رواية: "واضربوا عنقه"، فضعيف. قال الطحاوي: ولو كان صحيحا لكان منسوخا، ويكون هذا حين كانت العقوبات في الأموال.