للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر في التعريف مفوض لأمر الملتقط فعليه أن يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك.

المسألة الثالثة: إذا جاء صاحبها أثناء مدة التعريف قال النووي: قال أصحابنا: إذا عرفها فجاء صاحبها في أثناء مدة التعريف فأثبت أنه صاحبها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة فالمتصلة كالزيادة في الوزن والشحم في الحيوان وتعليم الحرث والسقي وتدريب الفرس ونحو ذلك والمنفصلة كالولد واللبن والصوف ونحو ذلك. اهـ. وللملتقط أن يطالب صاحبها بما أنفقه عليها.

فإذا جاء من يدعيها ولم يصدقه الملتقط لم يجز له دفعها إليه وإن صدقه جاز له الدفع إليه ولا يلزمه إلا أن يقيم البينة فيجبر على تسليمها كذا عند الشافعي وأبي حنيفة وذهب مالك وأحمد إلى وجوب تسليمها لمن جاء فأخبر بأوصافها عملا بظاهر ملحق روايتنا الثامنة ولفظه "فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه" وظاهر روايتنا الخامسة ولفظها "فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه".

أي فإن جاء من وصفها فأصاب أو أقام البينة فادفعها إليه فإن جاء آخر فوصفها فأصاب أو أقام بينة أخرى ففي ذلك تفاصيل في المذاهب الفقهية.

وقال بعض متأخري الشافعية: يمكن أن يحمل وجوب الدفع لمن أصاب الوصف على ما إذا كان ذلك قبل التملك لأنه حينئذ مال ضائع لم يتعلق به حق ثان بخلاف ما بعد التملك فإنه حينئذ يحتاج المدعي إلى البينة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "البينة على المدعي".

المسألة الرابعة: إذا لم يجيء صاحبها بعد تعريفها سنة فهي لمن وجدها غنيا كان أو فقيرا له أن يتملكها وله أن يديم حفظها لصاحبها فإن أراد تملكها فقد قال جمهور الشافعية: لا يملكها إلا بلفظ التملك بأن يقول: تملكتها أو اخترت تملكها وقال بعضهم: لا يملكها إلا بالتصرف فيها بالبيع ونحوه وقال بعضهم: يكفيه نية التملك ولا يحتاج إلى لفظ وقيل: يملكها بمجرد مضي السنة.

فإذا تملكها ولم يظهر لها صاحب فلا شيء عليه بل هو كسب طيب لا مطالبة عليه به في الآخرة وإن جاء صاحبها بعد تملكها أخذها بزيادتها المتصلة دون المنفصلة فإن كانت قد تلفت بعد التملك لزم الملتقط بدلها عندنا وعند الجمهور كذا قال النووي.

وقال الحافظ ابن حجر: اختلف العلماء فيما إذا تصرف في اللقطة بعد تعريفها سنة ثم جاء صاحبها هل يضمنها له؟ أم لا؟ فالجمهور على وجوب الرد إن كانت العين موجودة أو البدل إن كانت استهلكت وخالف في ذلك بعض الشافعية وداود الظاهري.

واحتج الجمهور بروايتنا الثانية وفيها "عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها ثم استنفق بها فإن جاء ربها فأدها إليه" وروايتنا الرابعة ولفظها "ثم عرفها سنة فإن لم يجيء صاحبها كانت وديعة عندك" والخامسة ولفظها "ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه" والسابعة ولفظها "عرفها سنة فإن لم تعترف فاعرف عفاصها

<<  <  ج: ص:  >  >>