وفي الحديث غلظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين ولأنه غير مضطر للغدر لقدرته على الوفاء.
وقال عياض: المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهوده لرعيته أو لمقاتلته أو للإمامة التي تقلدها والتزم القيام بها فمتى خان فيها أو ترك الرفق فقد غدر بعهده وقيل: المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا تخرج عليه ولا تتعرض لمعصيته لما يترتب على ذلك من الفتنة قال: والصحيح الأول قال الحافظ ابن حجر: ولا أدري ما المانع من حمل الخبر على أعم من ذلك؟ اهـ وبخاصة أن الذي فهمه ابن عمر من الحديث -كما ذكرنا في المباحث العربية- هو غدر الرعية بعهدهم للإمام.
ويؤخذ من قوله "هذه غدرة فلان بن فلان" أن الناس يدعون يوم القيامة بآبائهم قال ابن دقيق العيد: وإن ثبت أنهم يدعون بأمهاتهم فقد يخص هذا من العموم.
وتمسك بهذا الحديث قوم فقالوا بترك الجهاد مع ولاة الجور الذين يغدرون -حكاه الباجي.
وفيه أن العقوبة يوم القيامة قد تكون بنقيض القصد قاله ابن المنير أخذا من روايتنا السادسة من لفظ "لواء عند استه" لأن عادة اللواء أن يكون عند الرأس فنصب عند السفل زيادة في فضيحته لأن الأعين غالبا تمتد إلى الألوية فيكون ذلك سببا لامتدادها إلى التي بدت له ذلك اليوم فتزداد بها فضيحته.