واللواء بكسر اللام والمد هي الراية ويسمى أيضا العلم وكان الأصل أن يمسكه رئيس الجيش ثم صارت تحمل على رأسه وقيل: اللواء غير الراية فاللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه والراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح وقيل: اللواء دون الراية وقيل: اللواء العلم الضخم والعلم علامة على محل الأمير يدور معه حيث دار والراية يتولاها صاحب الحرب وجنح الترمذي إلى التفرقة فترجم بالألوية وأورد حديث جابر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض" ثم ترجم للرايات وأورد حديث البراء "أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مربعة من نمرة" وحديث ابن عباس "كانت رايته سوداء ولواؤه أبيض" وروى أبو داود عن رجل "رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء" قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بينها باختلاف الأوقات. وعند ابن أبي الشيخ "كان مكتوبا على رايته: لا إله إلا الله محمد رسول الله" وعن رفع اللواء للغادر يوم القيامة يقول القرطبي: هذا خطاب منه صلى الله عليه وسلم للعرب بنحو ما كانت تفعل لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء وللغدر راية سوداء ليلوموا الغادر ويذموه فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته يوم القيامة فيذمه أهل الموقف وأما الوفاء فلم يرد فيه رفع لواء مغاير ولا يبعد أن يقع ذلك. اهـ. فرفع اللواء حقيقة ولا يحتاج الرفع إلى من يحمله وأما مقدار رفعه فيكفي فيه أن يراه أهل الموقف وأما بدء اللواء المرفوع فقد تعرضت له الرواية السادسة ولفظها "عند استه" والاست العجز وقد يراد بها حلقة الدبر وهي مؤنث وهمزته همزة وصل وأصله السته وقد بينت الرواية الخامسة الغرض من رفع اللواء بأنه ليعرف أي ليشتهر بين الناس ليذم فهو من باب التشهير.
(يقال: هذه غدرة فلان بن فلان) الظاهر أن القول هنا ليس على حقيقته وأن المراد به الإعلان أي يعلن اللواء عن مكان الغدرة وصاحبها وربما يكون اللواء مكتوبا عليه هذا المقول والغدرة اسم مرة وهل هذا اللواء لكل من وقع منه الغدر؟ قليلا؟ أو كثيرا؟ عظمت الغدرة؟ أو حقرت؟ الظاهر أن التشهير لا يكون إلا بمن تعود ذلك وكثر منه كما توحي عبارة الحديث "إذا عاهد غدر" أو كانت الغدرة عظيمة تلحق آثارها الكثيرين فهو في قوة غدرات أما قوله في الرواية السابعة "يرفع له بقدر غدره" فالمراد منه أن التشهير ينتشر ويعلن بالدرجة التي وقع بها الغدر لكن أصل التشهير لا يستحقه من وقع منه غدرة صغيرة.
(لا غادر أعظم غدرا من أمير عامة)"من أمير عامة" بدون تنوين "أمير" وأمير العامة أمير الناس عامة أي أمير الدولة وحاكمها وفي رواية للبخاري قال ابن عمر "وإنا قد بايعنا هذا الرجل أي يزيد بن معاوية على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال".
-[فقه الحديث]-
الغدر حرام باتفاق سواء كان في حق المسلم أو الذمي وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بعنوان: باب إثم الغادر للبر والفاجر قال الحافظ ابن حجر: أي سواء كان من بر لفاجر أو لبر أو من فاجر