به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} [آل عمران: ١٢٣ وما بعدها] وحديثنا عن عمر بن الخطاب صريح في نزول الملائكة يوم بدر والخلاف بين العلماء في قتال الملائكة مع المؤمنين أو عدم قتالهم.
والجمهور على أنهم قاتلوا مع المؤمنين يوم بدر ويستدلون بالآيات السابقة ويفسرون {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} بأنه أمر من الله للملائكة أن يضربوا رقاب الكافرين ويقطعوا أصابعهم وأطرافهم.
وقول ابن عباس في حديثنا "بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد .. إلخ" ثم قول الأنصاري ما رأى من قتل المشرك وخطم أنفه وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم له وقوله "ذلك من مدد السماء الثالثة" دليل على أنهم قاتلوا وقد أخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي داود المازني قال: "بينما أنا أتبع رجلا من المشركين يوم بدر فأهويت بسيفي إليه فوقع رأسه قبل أن يصل سيفي إليه فعرفت أنه قد قتله غيري" فإن قيل: ما الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه؟ أجيب بأن ذلك وقع لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب التي أجراها الله تعالى في عباده والله تعالى هو فاعل الجميع.
القول الثاني: أن الملائكة كانت مهمتها تثبيت المؤمنين {فثبتوا الذين آمنوا} وهذا الفريق يجعل الخطاب في قوله تعالى {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} للمؤمنين.
ومن حجته أن قدرة ملك واحد كفيلة بهزيمة المشركين فلو كانت مهمتهم قتالا لكان ملك واحد كافيا وقد وردت أحاديث في تثبيتهم المؤمنين قيل: كان ذلك بظهورهم لهم في صورة بشرية يعرفونها ووعدهم إياهم النصر على أعدائهم فقد أخرج البيهقي في الدلائل "أن الملك كان يأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول: أبشروا فإنهم ليسوا بشيء والله معكم كروا عليهم" وفي رواية "كان الملك يتشبه بالرجل فيأتي ويقول: إني سمعت المشركين يقولون: والله لئن حملوا علينا لنكشفن ويمشي بين الصفوف فيقول: أبشروا فإن الله تعالى ناصركم".
وقيل: كان التثبيت بأشياء يلقونها في قلوبهم تصح بها عزائمهم ويتأكد جدهم وللملك قوة إلقاء الخير في القلب ويقال له الإلهام كما أن للشيطان قوة إلقاء الشر ويقال له الوسوسة وقيل: كان التثبيت بمجرد تكثير السواد والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - من مناشدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بهذه الحالة استحباب استقبال القبلة في الدعاء.
٢ - ورفع اليدين فيه.
٣ - وأنه لا بأس برفع الصوت في الدعاء ليراه الناس فيدعوا كما يدعو أو تقوى بدعائه قلوبهم.