٤ - وأن الدعاء بشيء موثوق من حصوله مشروع فقد كان الله تعالى قد وعد نبيه صلى الله عليه وسلم إحدى الطائفتين إما العير وإما النصر وكانت العير قد ذهبت وفاتت فكان على ثقة من حصول الأخرى ومع ذلك استغاث وسأل إنجاز الوعد مع ثقته في الإنجاز كما قال له أبو بكر.
قال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال بل الحامل للنبي صلى الله عليه وسلم على ذلك شفقته على أصحابه وتقوية قلوبهم لأنها كانت أول معركة يشهدها فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك لأنهم كانوا يعلمون أن دعاءه مستجاب فلما قال له أبو بكر ما قال كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له. اهـ.
وقال غيره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة في مقام الخوف وهو أكمل حالات القرب وجاز عنده أن لا يقع النصر يومئذ لأن وعده بالنصر لم يكن معينا لتلك الواقعة وإنما كان مجملا وهذا ليس بشيء لقوله صلى الله عليه وسلم في مناشدته" اللهم أنجز ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني" والتوجيه الأول حسن.