عدوه فكان أول من نقض العهد منهم بنو قينقاع فحاربهم في شوال بعد وقعة بدر فنزلوا على حكمه وأراد قتلهم فاستوهبهم منه عبد الله بن أبي وكانوا حلفاءه فوهبهم له وأخرجهم من المدينة إلى أذرعات ثم نقض العهد بنو النضير فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس ستة أشهر من وقعة بدر وفي اليوم الثاني من حصاره لبني النضير حاصر بني قريظة فعاهدوه فأقرهم ومن عليهم فصاروا في أمان وذمة ثم واصل حصار بني النضير حتى نزلوا على الجلاء وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح فأجلاهم إلى الشام ولما تحزبت قريش إلى غزوة الأحزاب مالأتهم قريظة وظاهروهم ونقضوا العهد فلما هزم الله الأحزاب أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالخروج إلى بني قريظة فتحصنوا فحاربهم فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل مقاتلتهم - وكانوا نحو ثمانمائة رجل - وبسبي نسائهم وذرياتهم كما سيأتي في الباب التالي.
(بني قينقاع)"بني" بالنصب بدل من "يهود المدينة" وقينقاع بفتح القاف ويقال بضم النون وفتحها وكسرها ثلاث لغات مشهورات.
(لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب) أي إن عشت وكانت هذه الجملة بمثابة وصية كما صرح بها وصية عند موته صلى الله عليه وسلم بلفظ "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".
وجزيرة العرب قيل: مكة والمدينة واليمن واليمامة وعن ابن شهاب: جزيرة العرب المدينة وعن الزبير في أخبار المدينة: جزيرة العرب ما بين العذيب إلى حضرموت وحضرموت آخر اليمن وقال الأصمعي: هي ما لم يبلغه ملك فارس من أقصى عدن إلى أطراف الشام وقال أبو عبيد: من أقصى عدن على ريف العراق طولا ومن جدة وما والاها من الساحل إلى أطراف الشام عرضا.
وسميت جزيرة العرب لأن بحر فارس وبحر الحبشة والفرات ودجلة أحاطت بها وأضيفت إلى العرب لأنها كانت بأيديهم قبل الإسلام وبها أوطانهم ومنازلهم أما أرض الحجاز فهي ما يفصل بين نجد وتهامة.
(حتى لا أدع إلا مسلما) أي حتى لا أدع في جزيرة العرب إلا مسلما وكأنه عمم الكفار في الحكم بعد تخصيص اليهود والنصارى.
-[فقه الحديث]-
ترجم البخاري لهذا الحديث بباب إخراج اليهود من جزيرة العرب. قال الحافظ ابن حجر: وكأنه اقتصر على ذكر اليهود لأنهم يوحدون الله تعالى إلا القليل منهم ومع ذلك أمر بإخراجهم فيكون إخراج غيرهم من الكفار بطريق الأولى.
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض على أن يجليهم حين يريد وقال: نقركم