بها على ذلك ما شئنا" ثم أوصى عند موته بإخراج اليهود والنصارى فأجلى عمر يهود خيبر وقد روى البخاري أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- خرج إلى ما له في خيبر فاعتدى عليه من الليل ففدعت يداه ورجلاه -أي نقلت مفاصلهما- وليس للمسلمين هناك عدو غيرهم فخطب عمر في المسلمين وقال: هم عدونا وتهمتنا وقد رأيت إجلاءهم فأجلاهم وأعطاهم قيمة ما كان لهم منه الثمر مالا وإبلا وعروضا.
-[ويؤخذ من الحديث]-
١ - قال النووي: يؤخذ منه أن المعاهد والذمي إذا نقض العهد صار حربيا وجرت عليه أحكام أهل الحرب وللإمام سبي من أراد منهم وله المن على من أراد.
٢ - وأنه إذا من عليه ثم ظهرت منه محاربة انتقض عهده وإنما ينفع المن فيما مضى لا فيما يستقبل.
٣ - من قوله "فمن وجد منكم بما له شيئا فليبعه" استدل به على جواز بيع المكره قال الحافظ ابن حجر: والحديث ببيع المضطر أشبه فإن المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشيء شاء أو أبى واليهود لو لم يبيعوا لم يلزموا ولكنهم شحوا فاختاروا بيعها فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها كمن رهقه دين فاضطر إلى بيع ماله فيكون جائزا ولو أكره عليه لم يجز.
٤ - قال الطبري: فيه أن على الإمام إخراج كل من دان بغير دين الإسلام من كل بلد غلب عليه المسلمون عنوة إذا لم يكن بالمسلمين ضرورة إليهم كعمل الأرض ونحو ذلك وزعم أن ذلك لا يختص بجزيرة العرب بل يلتحق بها ما كان على حكمها وهذا باطل.
٥ - قال النووي: أخذ بهذا الحديث مالك والشافعي وغيرهما من العلماء فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب وقالوا: لا يجوز تمكينهم من سكناها ولكن الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب وهو الحجاز وهو عنده مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب بدليل آخر مشهور في كتبه وكتب أصحابه وقال:
أما مجرد الدخول فقد قال العلماء: لا يمنع الكفار من التردد مسافرين في الحجاز ولا يمكنون من الإقامة فيه أكثر من ثلاثة أيام وقال الشافعي وموافقوه: إلا مكة وحرمها فلا يجوز تمكين كافر من دخوله بحال فإن دخله في خفية وجب إخراجه فإن مات ودفن فيه نبش وأخرج ما لم يتغير هذا مذهب الشافعي وجماهير الفقهاء وجوز أبو حنيفة دخولهم الحرم إلا المسجد وعن مالك: يجوز دخولهم الحرم للتجارة وحجة الجماهير قول الله تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}[التوبة: ٢٨].
٦ - قال النووي: وفي هذا الحديث استحباب تجنيس الكلام "أسلموا تسلموا" وهو من بديع الكلام وأنواع الفصاحة.