(اللهم فإن كان ... ) الفاء عاطفة للجملة بعدها على الجملة قبلها وإعادة "اللهم" لزيادة الاستعطاف.
(اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم) قال بعض الشراح: ولم يصب في هذا الظن لأنه قد وقعت حروب وغزوات بعد ذلك فيحمل على أنه دعا بذلك فلم تجب دعوته بعينها وادخر له ما هو أفضل من ذلك كما ورد في حديث دعاء المؤمن أو أن سعدا أراد بوضع الحرب أي في تلك الغزوة الخاصة لا فيما بعدها قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أن ظن سعد كان مصيبا وأن دعاءه في هذه القصة كان مجابا وذلك أنه لم يقع بين المسلمين وبين قريش من بعد وقعة الخندق حرب يكون ابتداء القصد فيها من المشركين فإنه صلى الله عليه وسلم تجهز إلى العمرة فصدوه عن دخول مكة وكادت الحرب أن تقع بينه وبينهم فلم تقع كما قال الله تعالى {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم}[الفتح: ٢٤] ثم وقعت الهدنة واعتمر صلى الله عليه وسلم من قابل واستمر ذلك إلى أن نقضوا العهد فتوجه إليهم غازيا ففتحت مكة فعلى هذا فالمراد بقوله: "أظن أنك وضعت الحرب" أي أن يقصدونا محاربين. اهـ.
والذي يظهر لي أن توجيه الحافظ ابن حجر بعيد وفيه تعسف فسعد كان يتمنى جهاد قريش ومحاربتهم وغلبتهم وإذلالهم وأن يكون له في ذلك إسهام سواء أكانوا مهاجمين أو كانوا مهاجمين -بكسر الجيم وفتحها- وقصر تمنيه على كونهم مهاجمين -بكسر الجيم- لا يليق بسعد ولا بتمنيه فكون المسلم مدافعا فقط لا يليق بنشر الدعوة ولا بأبطالها الأوائل ثم إن وضع الحرب بين فريقين يشمل الهجوم والدفاع ولا قرينة تخصصه بأحدهما وهذا من حيث الظن ولا ينقص المسلم أن يظن شيئا فلا يتحقق أما دعاؤه فشيء آخر ويبدو أنه قصد بدعائه أن يموت شهيدا مجاهدا لكفار قريش إما بحرب مقبلة وإما بهذه الحرب فأجاب الله دعاءه فمات بسبب جرح ناتج عن إصابته في غزوة الخندق.
(فافجرها واجعل موتي فيها) أي فافجر الإصابة والجراحة وكان الجرح قد ورم وسرى الورم من الذراع إلى الصدر ثم إلى الرقبة.
(فانفجرت من لبته) بفتح اللام وتشديد الباء وهي موضع القلادة من الصدر أي كان انفجار الجراحة من نهاية الورم من اللبة لا من الذراع وفي رواية "فإذا لبته قد انفجرت من كلمه" وفي رواية الكشميهني وروايتنا الخامسة "من لبته" قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف.
(فلم يرعهم -وفي المسجد معه خيمة من بني غفار- إلا والدم يسيل إليهم) جملة "وفي المسجد معه خيمة من بني غفار" حالية ومعنى "يرعهم" يفزعهم والضمير فيها لأهل الخيمة وكانت -على ما يقول ابن إسحق- لرفيدة الأسلمية قال الحافظ: فيحتمل أن تكون لها زوج من بني