للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - ومشروعية إكرام أهل الفضل في مجلس الإمام الأعظم والقيام فيه لغيره من أصحابه.

٧ - قال الخطابي: فيه أن قيام المرءوس للرئيس الفاضل والإمام العادل والمتعلم للعالم مستحب وإنما يكره لمن كان بغير هذه الصفات.

قال الحافظ ابن حجر: وقد منع من ذلك قوم واحتجوا بحديث أبي أمامة قال "خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا فقمنا له فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض" وأجاب عنه الطبري بأنه حديث ضعيف مضطرب السند فيه من لا يعرف.

واحتجوا أيضا بحديث عبد الله بن بريدة: أن أباه دخل على معاوية فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يتمثل له الرجال قياما وجبت له النار" وأجاب عنه الطبري بأن هذا الخبر إنما فيه نهي من يقام له عن السرور بذلك لا نهي من يقوم له إكراما له وأجاب عنه ابن قتيبة بأن معناه: من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين يدي ملوك الأعاجم وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه.

واحتج ابن بطال للجواز بما أخرجه النسائي عن عائشة "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى فاطمة بنته قد أقبلت رحب بها ثم قام فقبلها ثم أخذ بيدها حتى يجلسها في مكانه".

وذكر البخاري في الأدب المفرد حديث كعب بن مالك في قصة توبته وفيه "فقام إلى طلحة ابن عبيد الله يهرول".

قال الحافظ ابن حجر: ومحصل المنقول عن مالك إنكار القيام مادام الذي يقام لأجله لم يجلس ولو كان في شغل نفسه فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها فتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس؟ فقال: أما التلقي فلا بأس به وأما القيام حتى يجلس فلا فإن هذا فعل الجبابرة.

وقد أنكره عمر بن عبد العزيز.

وقد أطال الحافظ ابن حجر في عرض وجهتي نظر الفريقين في موضوع النزاع فقال:

نقل المنذري عن بعض من منع ذلك مطلقا أنه رد على قصة سعد هذه بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالقيام لسعد لينزلوه عن الحمار لكونه كان مريضا ويستأنس لهذا بما في مسند عائشة عند أحمد بلفظ "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" قال الحافظ: وسنده حسن وهذه الزيادة تخدش الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه.

واحتج النووي بحديث سعد ونقل عن البخاري ومسلم وأبي داود أنهم احتجوا به ولفظ مسلم: لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثا أصح من هذا وقد اعترض عليه الشيخ أبو عبد الله ابن الحاج فقال ما ملخصه: لو كان القيام المأمور به لسعد هو المتنازع فيه لما خص به الأنصار فإن الأصل في أفعال القرب التعميم ولو كان القيام لسعد على سبيل البر والإكرام لكان هو صلى الله عليه وسلم أول من فعله وأمر به من حضر من كبار الصحابة فلما لم يأمر به ولا فعله ولا فعلوه دل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>