وإباحة كل من الأمرين لمن شاء فكلا الفريقين مصيب للواقع المراد وفي جميع الحالات الكل مصيب في حكم الشرع له أجره مصيب عين الحقيقة له أجران عند الله ومخطئ عين الحقيقة له أجر واحد.
وقد حاول ابن القيم ترجيح رأي الذين صلوا في الطريق على أساس أنهم حازوا الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت لا سيما في صلاة العصر.
قال: فاجتهاد الذين صلوا أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى.
٢٠ - واستدل به ابن حبان على أن تارك الصلاة حتى يخرج وقتها لا يكفر وفيه نظر لأن التأخير هنا بطلب من الشارع وما يقصده ابن حبان التأخير بدون طلب من الشارع وبدون عذر.
٢١ - واستدل به بعضهم على أن الذي يتعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها يقضيها بعد ذلك لأن الذين لم يصلوا في الطريق حتى خرج وقتها صلوها بعد ذلك روي أنهم صلوها في وقت العشاء وروي أنهم صلوها بعد أن غابت الشمس وفي هذا الاستدلال نظر لأنهم لم يؤخروها إلا لعذر تأولوه والنزاع إنما هو فيمن أخر عمدا بغير تأويل.
٢٢ - استدل به بعضهم على جواز الصلاة على الدواب في شدة الخوف وادعى أن الطائفة الذين صلوا العصر لما أدركتهم في الطريق إنما صلوها وهم على الدواب واستند إلى أن النزول إلى الصلاة ينافي مقصود الإسراع في الوصول فصلوا ركبانا ليجمعوا بين دليل وجوب الصلاة ودليل وجوب الإسراع لأنهم لو صلوا نزولا لكانوا تاركين لما أمروا به من الإسراع ولا يظن بهم ذلك مع ثقوب أفهامهم.
وفي هذا الاستدلال نظر لأن دعوى أنهم صلوا ركبانا تحتاج إلى دليل ولم يرد صريحا في شيء من طرق هذه القصة أنهم صلوا ركبانا.
٢٣ - قال النووي: في الحديث دلالة لمن يقول بالمفهوم والقياس ومراعاة المعنى.