نغلبه فالحرب بيننا وبينه نوبا نوبة له ونوبة لنا غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب وغزوته في بيته فبقرنا البطون وجدعنا الآذان.
سأل هرقل: فهل يغدر بكم إذا عاهد؟ قال أبو سفيان: لا وأراد أبو سفيان أن ينال من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يجد إلا أن يشكك في وفائه بالعهد فقال: وبيننا وبينه عهد لا ندري أيغدر بنا؟ أم يفي؟ .
سأل هرقل: هل ادعى أحد منكم قبله مثل ما يدعي؟ قال: لا.
وهنا بدأ هرقل يعلن لهم هدفه من الأسئلة واستنتاجاته من الإجابات فقال:
سألتك عن حسبه؟ فقلت: إنه فينا ذو حسب وكذلك الرسل تبعث في أفضل أنساب قومها.
وسألتك هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا فقلت: لو كان من آبائه ملك جاز أن يكون طالبا ملك آبائه وسألتك عن أتباعه الأشراف أم الضعفاء؟ فقلت: الضعفاء.
وهكذا أتباع الرسل لأن الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون للانقياد واتباع الحق وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب؟ فقلت: لا فعرفت أنه ما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه الجديد ساخطا عليه بعد أن يدخله؟ فقلت: لا وكذلك الإيمان إذا خالط غشاء القلوب لا يزول عنه وسألتك هل قاتلتموه؟ وكيف كانت نتيجة قتالكم إياه؟ فقلت: إن الحرب بينكم وبينه سجالا وهكذا الرسل يبتلون بالهزيمة ثم تكون لهم العاقبة وسألتك هل يغدر بكم؟ فقلت: لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك: هل قال هذا القول أحد معاصر قبله؟ فقلت: لا قلت: لو قال هذا القول أحد قبله قلت: رجل يأتم بغيره ويقول ما يقولون ثم سألتك بم يأمركم؟ قلت: يأمرنا بالصلاة والصدقة وصلة الأرحام والعفة وكذلك الرسل ولقد كنت أعلم أن نبيا سيرسل في آخر الزمان لكني كنت أتوقعه من بني إسرائيل وليس منكم أما اليوم فقد ظهر أنه من العرب لقد كنت أقرأ أوصافه التي ذكرت ففي التوراة نحو ما سمعت من علامات النبوة إن يكن ما قلته حقا فهو النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيملك أتباعه مكان قدمي وملكي ولو كنت أستطيع أن أصل إليه ماشيا لفعلت ولغسلت بيدي رجليه خضوعا له وتبركا به ولكني أخاف من قومي أن يقتلوني لقد كان لي صديق قسيس أسقف أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه إنني أخافهم ولولا ذلك لتكلفت المشي إليه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه القارئ وترجمه الترجمان وسمعه بالعربية أبو سفيان فسمع: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى "أما بعد" فإني أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم في الدنيا والآخرة أسلم يؤتك الله أجرك مرتين مرة على إيمانك بعيسى ومرة على إيمانك بمحمد عليهما
الصلاة والسلام فإن توليت ورفضت ولم تسلم فإنما عليك إثمك وإثم أتباعك الذين يقتدون بك ويتبعونك في دينك ثم ختم الكتاب بالآية الكريمة {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله}[آل عمران: ٦٤].