(فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ ) الظاهر أن هذا السؤال وجه إليهم عن طريق ترجمان آخر غير الذي سيدعي وإنما سأل عن الأقرب نسبا لأنه أحرى بالاطلاع على أموره ظاهرا وباطنا أكثر من غيره ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه بخلاف الأقرب وفي رواية البخاري "أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل"؟ بالباء بدل "من" على تضمين "أقرب" معنى "أوصل" والزعم يستعمل كثيرا في المكذوب والمشكوك فيه وقد يستعمل بمعنى القول ويأتي في المستيقن كما في حديث "زعم جبريل".
(قال أبو سفيان: فقلت: أنا) وفي رواية البخاري "قلت: أنا أقربهم نسبا" وفي رواية ابن السكن "فقالوا: هذا أقربنا به نسبا هو ابن عمه أخي أبيه" وعند البخاري "قال: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي""قال أبو سفيان: ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري".
وعبد مناف الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا لأبي سفيان فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف هو ابن عم أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ففي كونه ابن عمه تجوز وفي رواية ابن السكن "هو ابن عم أخي أبيه" نظر.
(فأجلسوني بين يديه) أي قربوني منه وقدموني على أصحابي.
(وأجلسوا أصحابي خلفي) عند البخاري "فقال: أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره" أي لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب فكونهم خلفه يجعل تكذيبهم له أهون عليهم.
(ثم دعا بترجمانه) بضم التاء وفتحها والفتح أفصح وهو المعبر عن لغة بلغة أخرى قال النووي: والتاء فيه أصلية وأنكروا على الجوهري كونه جعلها زائدة.
(فقال له: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي) أي إن السؤال في ظاهره سيتوجه إلى أبي سفيان ولكنه في الحقيقة موجه إليكم جميعا.
(فإن كذبني فكذبوه)"كذبني" بتخفيف الذال أي إن نقل إلى كذبا فقولوا له: كذبت وأصدقوني القول.
(وايم الله) اسم وضع للقسم وألفه ألف وصل عند أكثر النحويين وهو مبتدأ خبره محذوف أي وايم الله قسمي.
(لولا مخافة أن يؤثر على الكذب لكذبت)"يؤثر" بضم الياء وسكون الهمزة وفتح الثاء مبني للمجهول يقال: أثر الحديث بفتح الألف والثاء نقله ورواه عن غيره يأثر بضم الثاء أثرا بسكونها وأثارة والمعنى هنا لولا مخافة أن ينقل عني رفقتي إلى قومي أني كذبت ويتحدثون بذلك عني في بلادي لكذبت عليه لبغضي إياه ومحبتي تنقيصه وفي رواية البخاري "فوالله لولا الحياء