للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أن يأثروا على كذبا لكذبت عنه" أي لكذبت عند الإخبار بحاله فعدم كذبه ناشئ من خوفه أن ينقلوا عنه أنه كذب لا خوف تكذيبهم له في المجلس فقد كان واثقا منهم بعدم التكذيب أن لو كذب لاشتراكهم معه في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ترك ذلك استحياء وأنفة أن يتحدثوا بذلك بعد أن يرجعوا فيصير عند سامعي ذلك كذابا صرح بذلك في رواية ابن إسحق إذ قال "فوالله لو قد كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب وعلمت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته -أن يحفظوا ذلك عني ثم يتحدثوا به فلم أكذبه" ثم يقول أبو سفيان عن هرقل وعن مهارته "فوالله ما رأيت من رجل قط كان أدهى من ذلك الأقلف" أي غير المختون.

(كيف حسبه فيكم؟ ) المراد من الحسب -بفتح الحاء والسين- النسب وذلك أنهم كانوا يعدون مناقب الآباء وشرفهم حين التفاخر بهم أي ما حال نسبه فيكم؟ أهو من أشرافكم؟ أم لا؟ .

(هو فينا ذو حسب) التنوين في "حسب" للتعظيم وليس للتحقير كما ظن بعض الشارحين.

(فهل كان من آبائه ملك)؟ وفي رواية "فهل كان من آبائه من ملك" بزيادة "من" حرف جر بكسر الميم قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم "فهل كان من آبائه ملك" ووقع في صحيح البخاري "فهل كان في آبائه من ملك" وروي هذا اللفظ بكسر الميم و"ملك" بفتح الميم وكسر اللام وروي بفتح ميم "من" و"ملك" بفتح الميم واللام فعل ماض والمعنى في الكل واحد.

(فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ ) أي هل كنتم تتهمونه بالكذب على الناس؟ ولم يقل: هل عهدتم عليه الكذب؟ مبالغة في صدقه لأن إقرارهم بنفي التهمة بالكذب أدل على إقرارهم بصدقه من نفي الكذب فالتهمة بالكذب قد تكون مع وقوع الكذب غالبا ومع عدم وقوعه فإذا انتفت انتفى العلم بكذبه من باب أولى.

وقوله "قبل أن يقول ما قال" من دعوى الرسالة لمحة ذكاء من هرقل لأنه علم أنهم لم يتبعوه فهم لم يصدقوه.

(ومن يتبعه؟ أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ ) يعني بأشرافهم: كبارهم وأهل الأحساب فيهم وقيل: إن المراد بالأشراف هنا أهل النخوة والتكبر منهم لا كل شريف حتى لا يكون كاذبا في مثل أبي بكر وعمر ممن أسلم قبل هذا السؤال وفي رواية البخاري "فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم"؟ وفي رواية "أيتبعه أشراف الناس"؟ .

(قلت: بل ضعفاؤهم) في رواية ابن إسحق "تبعه منا الضعفاء والمساكين فأما ذوو الأنساب والشرف فما تبعه منهم أحد" وهو محمول على الأكثر الأغلب.

(قلت: لا بل يزيدون) "لا" رد للنقصان أي لا ينقصون فلما كان المحتمل: لا يزيدون ولا ينقصون أضرب واستدرك بقوله: بل يزيدون.

<<  <  ج: ص:  >  >>