للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ ) "سخطة" بفتح السين وحكي بضمها والسخط كراهة الشيء وعدم الرضا به وأخرج بهذا القيد من ارتد مكرها أو لرغبة في حظ نفساني أو غيره كما وقع لعبيد الله بن جحش بالحبشة.

(تكون الحرب بيننا وبينه سجالا) بكسر السين أي نوبا -بضم النون وفتح الواو جمع نوبة -أي نوبة لنا ونوبة له والسجل الدلو الملآى فكأنه شبه المحاربين بالمستقين يستقي هذا دلوا وهذا دلوا أي يكون لكل واحد منا سجل.

(يصيب منا ونصيب منه) في رواية البخاري: "ينال منا وننال منه" يشير بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أحد وفي رواية "قال أبو سفيان: غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب ثم غزوتهم في بيوتهم ببقر البطون وجدع الآذان" وقد صرح بذلك أبو سفيان يوم أحد إذ قال: يوم بيوم بدر والحرب سجال.

(فهل يغدر؟ ) بكسر الدال والغدر عدم الوفاء.

(قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها) يعني ونحن معه في مدة الهدنة والصلح الذي جرى بالحديبية ويلمح بذلك إلى أنه يخشى غدره في هذه الهدنة لأن أتباع أبي سفيان وحلفاءه من شيمتهم الغدر الذي يفتح الباب لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يرد هذا الغدر بغدر.

وجاء في رواية "إلا أن يغدر في هدنته هذه فقال: وما يخاف من هذه؟ فقال: إن قومي أمدوا حلفاءهم على حلفائه قال: إن كنتم بدأتم فأنتم أغدر".

(قال: فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه) أي لم أتمكن في أثناء حديثي مع هرقل من كلمة أنتقصه فيها وبها إلا هذه الكلمة ووجه الانتقاص بها أن من يقطع بعدم غدره أرفع رتبة ممن يحتمل وقوع ذلك منه ولما كان هذا الأمر غيبا أمن أبو سفيان أن ينسب إليه أصحابه الكذب فيها ولهذا أوردها بالتردد ولهذا لم يعرج عليها هرقل ففي رواية ابن إسحق: قال أبو سفيان: فوالله ما التفت إليها مني.

(فهل قال هذا القول أحد قبله؟ ) ممن عاصره وأمكنه الأخذ عنه؟

(وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها) يعني في أفضل أنسابهم وأشرفها قيل: الحكمة في ذلك أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس له والظاهر أن إخبار هرقل بذلك بالجزم كان عن العلم المقرر عنده في الكتب السابقة.

(بل ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل) لكون الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد واتباع الحق.

(وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب) أي وكذلك أمر الإيمان وشأنه إذا خالط

<<  <  ج: ص:  >  >>